12 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق يذهب مع الريح

28 أغسطس 2015

إصلاح العراق عملية معقدة وتتقاطع مع كثير من المتغيرات المذهبية والاجتماعية والعرقية، وبحسب الضرر الذي لحق بهذا البلد بسبب الاحتلال الأمريكي فليس متوقعا أن يستقر قريبا، لأنه أمام عدة مشكلات وأزمات تغوص عميقا في السياسيين الذين يديرون شؤونه السياسية والاقتصادية، وأول ذلك الفساد وغياب الرؤية الوطنية الحقيقية التي تقرأ في الأفق العراقي حقوق الشعب في الأمن والسلام الوطني. رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أظهر مؤخرا قوة في اتخاذ القرار وكان قد بدأ ذلك بقطع رأس الأفعى الفاسدة من خلال إزاحة الطائفي نوري المالكي عن الحكم، وهو أطلق برنامجاً مهماً لإصلاح الحكومة العراقية ومعالجة الفساد، حصل بموجبه على دعم سياسي وشعبي واسع النطاق، لأنه في الواقع يعمل على تعزيز وتحسين الخدمات الحكومية والشفافية، ما يهدف إلى تعزيز وحدة العراق، بما في ذلك مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". أكثر ما يضر العراق هو التدخل الإيراني الكثيف في شؤونه، وإذا نجح العبادي في تحييد التأثير الإيراني ووضعه في أضيق الحدود مع الدعم الشعبي ربما يحصل على منجزات مقدرة في برنامجه الإصلاحي والوصول بالدولة إلى مرحلة مناسبة من الاستقرار، ولذلك فهو دخل حرب مع الفاسدين الأقوياء الذين يستنصرون بإيران ولن تكون حربا سهلة يحتاج فيها إلى كل عراقي مخلص لوطنه وحقه في السلم. المالكي أحد أبرز أسباب الفشل العراقي الحالي، وهو مؤسس الطائفية التي تقتل على الهوية، ولذلك من الضروري إقصاؤه من المعادلة السياسية كلية، ودون ذلك لن ينجح العبادي أو أي رئيس حكومة أو سياسي وطني في المضي قدما في الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار العراق، وذلك المالكي ينفذ سياسات إيران بصورة حرفية قاتلة تدخل البلاد في نفق مظلم، ولن يحصل معه العراقيون على الحد الأدنى لطموحاتهم التنموية والخدمية وأمانهم، لأنهم يجدون أنفسهم في متاهة اقتتال طائفي تجعلهم يبيدون بعضهم فيما يتسلل تنظيم الدولة والإرهابيون إلى بلادهم ويسيطرون عليها في غفلة من المعارك السياسية غير المجدية. نأمل أن يحصل العبادي على فرصة سياسية تعيد الاستقرار للعراق دون شغب من المالكي وجماعة الفاسدين الذين يهددون مستقبل العراق ويحرمونه مسيرة التنمية والاستقرار، لأنه إذا لم يحدث ذلك فمن المؤكد أن التالي هو التجزئة والتقسيم وفوضى الإرهاب في بلد لم يعد موجوداً.