11 سبتمبر 2025

تسجيل

رجال بلا حياء

28 أغسطس 2014

أصبحت جميع الكتابات والمواضيع وحتى الخطب عندما تأتي للحديث عن الحياء تشير للمرأة فقط! وكأن الرجال قد اكتمل حيائهم وصلح حالهم، فإن كان الحياء يخص المرأة لجنسها كأنثى إلا أنه يشمل الرجال أيضا، فلماذا تركز على المرأة فقط وتُرك الرجل بلا تذكير بالحياء وهو يُعد قواما في بيته على أهله!؟ أم أن الحياء مفصول عن القوامة!؟جاء الإسلام وجعل خلقه الحياء ولم يستثني رجلا دون امرأة، قال صلى الله عليه وسلم: "لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء" كما جُعل شعبة من شعب الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الايمان والايمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار" والبذاء هو الجرأة في الفحش. لكن اختلف المفهوم العام الآن للحياء ليخص المرأة دون الرجل، ثم ارتبط بالخجل وهو ما لا يليق برجل! ولا ندري كيف ارتبط الحياء بالخجل!؟ ومن ربطهما والغرض من ربطهما!؟ فأصبح الحياء ينتقص من شخصية الرجل ورجولته بل ويعيبه في خلقه! "ريال يستحي!؟" و"الحياء للبنات مب للريايل!" و"عيب عليك ريال وتستحي!؟" و"ريال انت مب بنيه عشان تستحي!". وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على أن الحياء صفة محمودة لا مذمومة حيث قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها"، وكان عثمان رضي الله عنه من الشخصيات التي وصفت بأنها أشد حياء بل إن الملائكة تستحي منه لشدة حياءه. فالحياء هو شعور نابع من عظمة ورفعة النفس عن الدنايا أيا كان نوعها وشكلها، أما الخجل فهو إما ردة لفعل قبيح قد فعله أو أنه الشعور بالنقص وشتان بينهما.عندما ينعدم الحياء بكم يا رجال فلا تلوموا نسائكم عدم الحياء، فإن الفعل الطيب يولد أفعالا طيبة حميدة، والفعل القبيح المستتر أوالمعلن يجعل صاحبه ممن نزع من وجهه الحياء. فلا تقدر النساء أن تتجمل بالحياء إن كان رجالها قد فقدوه. وعدم حياء الرجل إنما والله لمراقبته للناس أكثر من الله فيفعل بالسر ما لا يرضي الله متناسيا مراقبة الله له. فتجده 1) "صايع — راعي نساء"، وتجده2) "سرسري، سربوت" (وإن كان أصل سرسري وسربوت ليس كما هو متداول الآن فالسرسري هو من يحد السكاكين والسربوت هو الرجل الصعلوك وليس في الأثنتين ذم أبدا)، وتجده 3) منحاز لفكر دنيوي متحرر بعيد عن الدين.عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت". فحياء أُنتزع في جلسات لا حديث لجالسيها إلا النساء والزواج وما يحدث بين الزوجين، وحياء أُنتزع من البعض مع زميلاتهم بالعمل، وحياء أُنتزع من رجل يضع صور العرض له بطريقة تفتن من يراها وطبيعي أن يرضى لأهله بأي صورة عرض يعرضونها! وحياء أنتزع من رجل ليرضى على أهله السفور والتبرج فسمح لآخرين الاستمتاع بالنظر إليهن، وحياء أُنتزع من البعض عندما يفتقد مراقبة الله له فينظر لكل حرام ويلاحق بعيناه النساء ويراسل هذه وتلك واعدا هذه بالزواج وأخرى يجعلها للحب والغرام. وحياء أُنتزع من بعض الرجال فتجده ما يكتب إلا قبحا أو غراما ليهيج به النفوس الضعيفة.همسة فتعلم منها الحياء:سيُعرف حياء النساء من حياء رجالهن في أقوالهم وأفعالهم، فاجعل حياءك أيها الرجل في اثنين فتجد حياء أهلك بين عينيك: حياء من الله ثم حياء من الناس، فحياؤك من الله يجعلك تتبع أوامره وتجتنب نواهيه في السر والعلن، وأما حياؤك من الناس فيكون بحفظ حقوقهم وستر عوراتهم والصدق في أفعالك معهم.واذكر قول الشاعر:يظل المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاءفلا وأبيك ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياءدمتم في حفظ الله ورعايته