18 سبتمبر 2025
تسجيلإن القيادة الحكيمة الراشدة هي التي تستطيع أن تبني ولا تهدم وتعمر ولا تخرب وتجمع فلا تفرق، فتقيم الأمر على أساس متين من الدين وعلى أسس عصرية حديثة ترسي دعائم الأمن والعدل والاستقرار في ربوع المجتمع الشاسعة وتضع اللبنات الأولى لتنمية المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وعمرانيا، فإن الخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه حكماء كنا أم جهلاء فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون؛ فليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيرا فنكبره ونضخمه ولا بد من معالجة الخطأ بحكمة وروية وأيا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء، لذا ينبغي أن نهتم ببناء الفرد وتنمية المجتمع بما يكفل حياة كريمة لشعب قادر على المنافسة العالمية بين شعوب العالم، ويتعايش بسلام مع الشعوب الأخرى ويستطيع أن يدعم القضايا العربية والإسلامية، والتي ترتكز على الدين الإسلامي منهجا وعملا وتدعو للسلام وتنبذ الظلم والعدوان وتدعو للتوحيد والبناء وترفض التفكك والهدم وتشجع على العلم والرقي والنهضة وبناء الإنسان الواعي الذي يستطيع أن يخدم بلده ووطنه وينبذ الجهل والفقر، فالثروة الحقيقية لكل مجتمع هم أبناؤه فأغلى ما يمتلك الوطن هو المواطن الصالح، المخلص الذي يؤمن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وتكون كل تصرفاته وممارساته في ضوء من كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. فشخصية المسلم ترتكز على الإيمان بالقضاء والقدر والبر والتقوى وعلى مسؤولية الاختيار والصدق والتسامح والتعاون والقناعة، وكثير من هذه الخصال تشجع على إنماء الشخصية واكتمالها بقصد السعادة النفسية الشاملة التي تحقق للمسلم حياة آمنة مطمئنة ونجاة من الشدائد يوم القيامة، فإن أصول الشخصية في البيئة الإسلامية لا تزال تقوم على القيم الحضارية المنبثقة من تعاليم الإسلام لأن هذه القيم تبقى من العناصر الرئيسية الواقية من الأخطاء والمخففة لوطأتها عند حدوثها، فالمسلم إذا مسه طائف من الشيطان تذكر واستغفر ومن يغفر الذنوب إلا الله، فإن الخالق سبحانه وتعالى يعفو عن المخطئ ولربما أنه يكون قد فعل ذلك بغير قصد فيرفع الله عن العبد المخطئ الحرج والإثم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) رواه ابن ماجه، فلقد كانت الأمم السابقة تؤاخذ على أخطائها وتحاسب على جميع أفعالها، دون أن تكون مبررات الجهل أو النسيان شفيعة لهم أو سببا في التجاوز عنهم، في حين أن هذه الأغلال قد رفعت عن هذه الأمة استجابةً لدعائهم ورحمةً من الله بهم، كما جاء ذلك في قول الله تعالى:(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة: 286، فالتربية بمعناها الواسع تشمل صفة من صفات التربية الدينية لاسيما في بلادنا العربية والإسلامية وهي منبثقة من الأبوين أو من المدرسة، وذلك لأن تربية الشخص تتضمن تقويمه في حدود إطار أخلاقي للسلوك وإن القيم الروحية والأخلاقية المنبثقة من تعاليم الإسلام كثيرا ما تهدي الفرد إلى الاستقامة والسلوك السوي فمن يسلك بالاستقامة يسلك بالأمان وفي كل الأحوال يبقى سلوك الإنسان مرتبطا بمكارم أخلاقه المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف والتي تنظم سلوك الإنسان وتهديه إلى الصراط المستقيم وتحاسبه إن هو أخطأ أو انحرف.فعندما نرى الخطأ ونتعامل مع من ارتكب الخطأ لا بد أن ندرك أن كل ابن آدم خطاء، فيلزم علينا النظرة إليه بعين النصيحة التي تقوم على أسس دينية سليمة فمعالجة الأخطاء لا بد أن تكون بحكمة وروية حتى لا يكون لها مردود سلبي فالمخطئ ليس مجرما وإنما هو بشر يحتاج إلى تصويب الخطأ وعدم تكراره وهذا يتطلب منا أساليب وقواعد خاصة منها ألا نزيد في إلقاء اللوم على المخطئ وتعنيفه لأن هذا لا يأتي بخير غالبا وقد وضح لنا الهدي النبوي فيما يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه خدم الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنوات ما لامه على شيء قط، فاللوم مثل السهم القاتل ما أن ينطلق حتى ترده الريح على صاحبه فيؤذيه وتذكر يا من أردت أن تقوم الخطأ وتصلحه أن اللوم يحطم كبرياء النفس ويكفيك أنه ليس في الدنيا أحد يحب اللوم؛ فالمخطئ أحيانا لا يشعر أنه مخطئ فكيف نوجه له لوما مباشرا وعتابا قاسيا وهو يرى أنه مصيب، وتجنب الجدال في معالجة الأخطاء فهي أكثر وأعمق أثرا وأشد خطرا من الخطأ نفسه وتذكر أنك بالجدال قد تخسر لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بواقع الكرامة فيجد في الجدال متسعا ويصعب عليه الرجوع عن الخطأ فلا نغلق عليه الأبواب ولنجعلها مفتوحة ليسهل عليه العودة للحق والصواب.