14 سبتمبر 2025
تسجيلثمة حقيقة ميدانية صارخة كشفت عنها الجرائم الإسرائيلية البشعة الأخيرة في (حرب غزة) تتمثل بالسقوط الواضح والمتميز لنظرية الأمن الإسرائيلية التي كانت الملف المفضل لقادة الدولة العبرية طيلة عقود إدارة الصراع الإقليمي مع العالم العربي، كما أن حالة الهستيريا والعدوانية الشرسة واللجوء للإفراط في استعمال القوة والإرهاب ضد المدنيين الفلسطينيين والتعمد الإسرائيلي لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين وبما يشكل جريمة حرب متكاملة الأركان هو تعبير فظ وأهوج ولكنه صريح جدا ومعبر عن هزيمة أخلاقية كبرى لم يعد من المجدي أبداً مداراة فضائحها وإشكالياتها، فطيلة عقود الصراع السبعة كان الإسرائيليون حريصين كل الحرص على استدرار عطف المجتمع الدولي عبر استغلال حكاية (الهولوكست النازي) خلال الحرب العالمية الثانية مما جعلهم ينظمون أكبر عملية ابتزاز للشعوب الأوروبية وللعالم بدعوى المطالبة بالتعويض عن الخسائر الجسيمة التي أوقعها النازيون الألمان والأوروبيون بالشعب اليهودي!، وقد استغلوا ذلك الملف الإنساني الشائك لأبعد مدى وتمكنوا من تحويل (إسرائيل) لكيان يحظى بدعم أوروبي واسع النطاق يتم معه تجاهل كل الجرائم الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية وتتم فيها إعادة ممارسة فصول الاحتلال والغطرسة النازية ولكن بنسخة إسرائيلية منقحة ومزيدة، لقد بدأت المنظمات العسكرية الإسرائيلية في منتصف أربعينيات القرن الماضي عملها بممارسات إرهابية بشعة طالت المدنيين وروعت الآمنين واقترفت من المجازر ما يجعل النازية حملا وديعا أمام شراسة وإرهابية قادة منظمات إرهابية من أمثال (شتيرن) و(أرغون زفاي ليومي) وغيرها من المنظمات النازية الإسرائيلية، واشتهر قادة إسرائيليون بكونهم قادة لتلك المنظمات التي مارست الإرهاب في (دير ياسين) و(قبية) وغيرها من المجازر البشرية البشعة التي قتل فيها الأطفال وبقرت بطون الحوامل من النساء، وهي ملفات محفوظة ولم ينسها التاريخ فالجرائم ضد الجنس البشري لا تسقط بالتقادم أبدا!!، ومعروفة أدوار مناحيم بيغن أو اسحق شامير أو قادة الجيش الإسرائيلي من أمثال شارون، كما أن جرائم جهازي (الشين بيت) الأمن الداخلي و(الموساد) أي العمليات الخارجية معروفة على المستوى الدولي لا بل إن إرهابها الدولي قد تجاوز العالم العربي وحط رحاله في مملكة النرويج البعيدة في صيف عام 1973 وتحديدا في مدينة (ليلهامر) النرويجية الصغيرة حينما تم اغتيال عامل مغربي بسيط يدعى (أحمد بوشيخي) ظنا من (عباقرة) الموساد بأنه رئيس جهاز أمن فتح الشهيد (أبو علي حسن سلامة)!! وكانت فضيحة دولية سرعان ماتمت محاصرتها ولكنها تعبر عن عقلية النزق والتهور الإسرائيلية، نذكر تلك الملفات المنسية لإرهاب الدولة الإسرائيلية والعالم بأسره يقف على قدميه وهو يتابع مسلسل الوحشية الإسرائيلية في غزة وحالات الحقد النازية وهي تروع الآمنين وتقتل الأطفال في ظل برود مواقف الحكومات الغربية وعلى العكس تماما من مواقف الشعوب الأوروبية وبقية شعوب العالم التي باتت تدرك حجم وطبيعة ماكينة التضليل الإعلامي الإسرائيلية التي سقطت في أوحال الهزائم الأخلاقية الكبرى التي تعانيها آلة الحرب والدعاية الإسرائيلية، في حرب غزة كما في حروب لبنان سقطت للأبد كما أسلفنا نظرية الأمن الإسرائيلية، كما تلاشت معها تلك الأسطورة الوهمية التي شاعت منذ هزيمة الأيام الستة عام 1967 حول القوة السوبرمانية الإسرائيلية التي لا تقهر والقادرة على تركيع العالم العربي وأثبت أحرار فلسطين في غزة بأن هزيمة العدوان الإسرائيلي رغم الفارق النوعي والكمي الهائل في التسليح والدعم اللوجستي هو أمر أكثر من ممكن بل إنه تحقق بفعالية عالية مما جعل الداخل الإسرائيلي يشعر وللمرة الأكبر والأخطر من أنه لم يعد يعيش خلف أسوار أوهام الأمن الكاذب وأن القبة الحديدية غير قادرة أبداً على توفير الأمن بشكل مطلق، وإن ذلك الأمن المنشود لا تحققه السياسات الإرهابية والعسكرية بل يحققه التفاهم واحترام الشعوب والتواضع والخضوع للحق ونبذ العدوان، لا أحد يريد أو يفكر بإبادة اليهود أبداً سوى قادة الاحتلال الإسرائيلي ذاتهم الذين يعتاشون على تلك الكذبة السمجة والرخيصة والمتهاوية والذين بممارساتهم النازية باتوا يمثلون الخطر الأكبر على الشعب اليهودي!، لا بديل عن السلام والتفاهم واحترام الخصوم واللجوء لمقاربات سلمية حقيقية، فالشعب الفلسطيني قد قدم تضحيات هائلة وكبيرة من أجل السلام الدائم والعادل ووفقا للشرعية والمواثيق الدولية، أما من يحاول التصعيد الأهوج فلن يجد سوى ردود صاعقة ستدخله في كوابيس لا نهاية لها، لقد أسقطت حرب غزة كل دعايات الماضي حول إسرائيل السوبرمان والتي ليس أمامها اليوم سوى خيار الانصياع للقانون الدولي ولمنطق العدالة الإنسانية.