13 سبتمبر 2025
تسجيلالسلام على نخب أمتنا من مفكرين وقادة رأي وصناع حضارة وعلى سلاطيننا وملوكنا وأمرائنا ورؤسائنا ورحمة الله وبركاته وبعد فإن 400 مليون عربي وأنا واحد منهم نحدق في السراب وننتظر ونعيش مع أطفالنا وشبابنا في عواصف حرب الإبادة لشعب من شعوبنا ديست حقوقه وترك وحده إزاء طغيان عنصري إسرائيلي أدانته كل أمم الأرض من غير العرب والمسلمين! وللأمانة فإن بعض مؤسساتنا الرسمية العربية والمسلمة بفضل قادة تجرأوا على الإصداع بالحق وتحركوا مساندين لقضايا الأمة فتناغمت مواقفهم مع ضمائر شعوبنا وفي طليعة هذه الدول دولة قطر التي تحظى بثقة جميع الأطراف الدولية الفاعلة كما لمسنا في الزيارة الرسمية التي أداها حضرة صاحب السمو أميرها حفظه الله الى (أمستردام) منذ أيام ليصارح الغرب كله من خلال هولندا بحقيقة الحرب الجائرة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد شعب فلسطين ولمسنا تأثير منطق الحقيقة والشرعية الدولية على حكومة هولندا حين أكد رئيسها بأن قطر شريك في السلام لا غنى عن مواقفه الثابتة. و نعرف جميعا أن القدس تعيش لحظات القهر ولحظات الشهادة ولحظات التحدي ولحظات الصبر ثانية بثانية من خلال شاشات فضائيات الجزيرة بارك الله فيمن سخرها لفضح جرائم الإبادة و تعبئة الرأي العام الغربي و خاصة طلاب جامعاته ضد إسرائيل المحتلة لأرضنا وكانت ربما تلك المعايشة الحميمة للفواجع أولى خطواتنا العربية على درب العولمة وتدفق المعلومات فقد كُتب علينا ان ندخل العولمة مضرجين بدماء 20 الف طفل ملائكة من شهدائنا الأبرار منذ 7 أكتوبر و نتذكر منذ عشرين عاما استشهاد الطفل محمد جمال الدرة على المباشر بفضل الجزيرة وفي أسماعنا صرخته المدوية الأخيرة قبل ان يهوي في أحضان أبيه الجريح النازف! نعم كتب علينا ان ندخل القرن الحادي والعشرين فنواجه الرصاص والصواريخ والقنابل والطائرات والدبابات بالحجارة بينما القرار في أيديكم وهو الاستعجال بوحدتكم قادة دول و قادة رأي لتقترب موازين القوى من التعادل وحتى نرد على النار بالنار وعلى القهر بالقهر أنتم أبناء هذه الأمة ولدتم من أرحامها ورضعتم من لبنها وقرأتم قرآنها ولعبتم أطفالا في ساحاتها ومرابعها وأكلتم من نخيلها و زيتونها وتفاحها ورمانها وتجري في دمائكم كما في دمائنا قصائد طرفة بن العبد وعنترة العبسي وأبي الطيب المتنبي وأحمد شوقي وأبي القاسم الشابي ومحمود درويش وبطولات الصحابة الأجلاء وليوث الفتح من عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى صلاح الدين الأيوبي ومن طارق بن زياد إلى عز الدين القسام و من عمر المختار الى فرحات حشاد ولابد ان تكون زغاريد أمهات شهداء القدس قد هزتكم كما هزتنا فأنتم أبناء القدس مهما كانت أوطانكم و مهما بعدت جغرافيا عن مسرى الرسول صلى الله عليه و سلم ما دام الله سبحانه بارك حول مسجدها الأقصى إلى يوم الدين في كلمته القرآنية التي لا تبديل لها وأنتم بالإضافة إلى أنكم أبناء القدس الشريف كتب عليكم أن تكونوا حماة ذلك العرين: قبلة الاسلام الأولى وثالث الحرمين ومسرى الرسول الأعظم ومعراجه منذ أقسمتم كلكم حين استلمتم شؤون شعوبكم أو أنرتموها بثقافتكم و كتبتم لها بلغتها أمهات المؤلفات التي طالعناها منذ طفولتنا نتعلم منها ملاحم تحرير أوطاننا و نتربى على اعتبار دين الأمة أمانة في أعناقكم فلا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها لقد وضعتم أيديكم على المصحف حين تحملتم مسؤوليات شعوبكم و تخرجت أجيالنا من جامعاتكم بأن تحموا دينها و تحافظوا على دساتيرها وتصونوا أمنها وتؤمّنوا رزقها وترفعوا رايتها وتكونوا لها أوفياء وعلى تاريخها ومستقبلها أمناء وفي جهادها جنودا أقوياء وعلى حقوقها قائمين وفي ساحاتها صامدين وأشهدتم الله ورسوله على ذلك وتبعتكم شعوبكم ولم تخذلكم بل اعتبرت طاعتكم من طاعة الله و حين تجتمعون في قمة نسأل الله ألا تكون فيها قلوبكم شتى فهي فرصة نادرة لالتقاء ارادة الحاكم بإرادة المحكوم أمام أكبر مظلمة عرفها تاريخ البشرية مظلمة إحلال شعب دخيل محل شعب أصيل مظلمة إبادة تدريجية مبرمجة لشعب كامل تحت عيون الكاميرات مظلمة تهويد القدس بتخطيط دموي جائر مظلمة ضمان التفوق الصهيوني مهما كان الرئيس الأمريكي على حساب حقوق العرب ومصير أجيالهم القادمة. اليوم تدق ساعة الحق ففندوا مقولة اسرائيل التي تؤكد للرأي العام العالمي بأن مشكلة العرب جميعا هي مع العراق ومشكلة العراق هي مع سوريا والكويت ومشكلة مصر هي مع السودان ومشكلة الجزائر هي مع المغرب ومشكلة ليبيا هي مع تونس ومشكلة موريتانيا هي مع البعث ومشكلة المملكة السعودية هي مع اليمن ومشكلة اليمن هي بين شطرين ومشكلة لبنان هي مع اللاجئين ومع حزب الله إلى آخر ما تردده أبواق إسرائيل و تردده منابر اليمين العنصري في الغرب على أسماع العالم من أننا أمة خُلقنا لنتصارع حتى لم تنفع معنا دروس الاندلس ولا دروس احتلال أراضينا من قبل قوى الاستعمار الصليبي ولا دروس ضياع فلسطين بالرغم من ان الاعتبار بالأحداث يشكل ثقافة اسلامية لأن العلامة عبدالرحمن بن خلدون سمى كتابه الرائد المبدع بكتاب العبر وقد أعلنها القرآن بعبارة (فاعتبروا يا أولي الألباب) وقديما قال الإمام علي كرم الله وجهه: (ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار). اليوم في دوامة المحن العالمية حين تجتمعون أيها العرب إما قادة في قممكم أو مفكرين في مؤتمراتكم الأكاديمية و ندواتكم العلمية فلتجتمع كلمتكم على هدف واحد وعلى غاية مشتركة ألا وهي عودة الإرادة العربية المسلمة للضمائر و العقول وعدم التفريط في خيار المقاومة والإصرار على نيل الحقوق المغتصبة من قبل الدولة العبرية قاتلة الأطفال ثم الاعلان بألا تنازل عن القدس جربوا ان تقولوا (لا) قوية عازمة باسلة مجاهدة ونحن نقدر مقتضيات الحكم ونعرف صعوبة المسؤولية في مجال دولي متشعب متقلب و معاد للحقوق بل و مستثمر في الغرائز لكن لا يمكن تبرير العجز العربي أمام مجزرة وحشية تصنع بها دولة اسرائيل واقعا جديدا على الأرض ولا يمكن فهم تراجعنا أمام نقل سفارة أمريكا على أرض وقفية بالقدس من أوقاف الشيخ محمد الخليلي و لا توسع المستوطنات الاستعمارية كما لا يمكن تفسير كيف سكتنا على تشريد شعب ومسحه من على خريطة وطنه؟ اننا ننتظر ان تقودوا هبة أمتكم سياسيا و ثقافيا لا ان تخمدوها وان تسيروا في اتجاه التاريخ لا عكسه. وفقكم الله تعالى إلى ما فيه انتصار الحق على الباطل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.