31 أكتوبر 2025
تسجيلإن هدي الإسلام وآدابه يفرض على أتباعه أن يتعاملوا مع من يخدمونهم على أنهم بشر مثلهم، لهم حقوق إنسانية لا يمكن التغاضي عنها، حتى ولو كانوا يخدمون من يمتلكون زمام الدنيا وما فيها، فالخادم إنسان وهو ليس في وضع أدنى من مخدومه، ولذلك يرفض الإسلام كل أشكال الإساءة إلى الخدم، كما يدين إهدار حقوق الخادم وحرمانه من ممارسة حياته الاجتماعية والدينية بشكل كامل، فالمسلم في رمضان يمتثل أمر الله تعالى وطاعته فهو يصوم لله ويقوم الليل يطمع في الجنة ويتعوذ من النار لذا ينبغي أن يعلم كل عاقل أن الله سبحانه وتعالى جعل حسن الخلق أفضل من درجة الصائم القائم ،فما فائدة في صوم بلا خلق أو صلاة بلا أخلاق، فالمسلم كريم الطباع لين القول يهتدي بنور الإسلام يلتزم أوامر الدين و ينتهي عما نهى الله تعالى فهو يعلم علم اليقين أن الدين الإسلامي هو دين الشمول و العموم ،فمن مظاهر الرحمة والتسامح التي جاء بها الإسلام وأكد من خلالها إنسانيته الفائقة ورحمته بكل خلق الله وتوفيره لمقومات الحياة الكريمة للضعفاء والبسطاء منهم، ما قرره هذا الدين العظيم من حقوق للخدم وحثه على معاملتهم معاملة طيبة تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية وتراعي مشاعرهم وتصون أعراضهم وتجعلهم يقبلون على أعمالهم بجد ونشاط ورغبة ومن دون خجل أو شعور بالعار، فنظرة الإسلام شاملة للحياة كلها وركن ركين لبقاء الأمة الإسلامية ،فلابد من إرشاد متصل ونصائح متتابعة ليرسخ في الأفئدة والأفكار فإن الإيمان والصلاح والخلق عناصر متلازمة متماسكة لا يستطيع أحد تمزيق عراها .فإن حسن الخلق من كمال الإيمان فالمسلم يؤمن بما لأخيه من حقوق وآداب تجب عليه، فيلتزم بها ويؤديها لأخيه المسلم وهو يعتقد أنها عبادة لله تعالى،وقربة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، إذ أن هذه الحقوق قد أوجبها الله تعالى على المسلم ليقوم بها تجاه أخيه المسلم، ففعلها يكون طاعة لله تعالى وقربة له دون شك لذلك حدد النبي صلى الله عليه وسلم أن الهدف من بعثته و الشريعة الحقيقية لدعوته من خلال قوله صلى الله عليه و سلم:إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فالخلق الحسن يتربى عليه المسلم ويتدرب من خلال دينه على مكارم الأخلاق التي ترفع منزلته في الدنيا ،فيكون له القبول في الأرض ويكون محبوبا بين الناس وترجح كفة ميزانه في الآخرة، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف، ولقد أمر الشرع الحنيف بحسن التعامل مع الخادم ومراعاة مشاعره الإنسانية، فلا يجوز نداء الخادم بلفظ قبيح أو مستهجن ولا يجوز قذفه وسب عرضه أو شتمه واحتقاره والتقليل من شأنه بين الناس، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد سمع رجلا يسب خادمه وعيره بأمه فقال له صلوات الله وسلامه عليه إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ،وإذا كان الإسلام لا يبيح شتم الخادم أو جرح مشاعره أو معاملته بما يسيء إليه ويقلل من شأنه بين الناس فهو من باب أولى يدين أي عدوان يتعرض له الخادم من مخدومه، فلا يجوز بأي حال من الأحوال ضرب الخادم، فهدي الإسلام العالي يتسم بالأخلاق كلها من حب وتعاطف وتآخ فيزرع في نفوس أبنائه القيم الإسلامية النبيلة والتي ينبغي على كل مسلم التخلق بها ،فلا يتخلق بالشحناء إلا من كان في قلبه مرض، وفي طبعه جفوة وفي فطرته التواء،فإن سبيل صلاح المجتمع هو سبيل صلاح الأخلاق.