14 سبتمبر 2025
تسجيللقد خَصَّ الله تعالى شهر رمضان المبارك بخصائص عدة ولكن ميزه بخصوصية عظيمة ألا وهي القرآن الكريم فأنزل فيه القرآن الكريم هدًى للناس يقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}. [البقرة: 185]. والحكمة في هذا النزول هي تعظيم القرآن الكريم، وتعظيم أمر مَن نزل عليه، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيم الشهر الذي نزل فيه، وهو شهر رمضان المبارك الذي نعيش أيامه الفاضلة ولياليه الكريمة. وهذا الفضل يحثُّنا على الاستزادة من دراسة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، والاجتهاد في ذلك، والعناية بهذا الأمر والإكثار من تلاوة القرآن فيه، وعرض القرآن على مَن هو أحفظ له، والزيادة في مدارسته. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن»، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجودَ بالخير من الريح المرسلة. وقد كان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان في الليل أكثرَ من غيره، ولا شك أن الحرص على ختم القرآن في رمضان تجارة رابحة لكل المسلمين فتزداد حسناتهم وتُحَط خطاياهم، لينالوا بذلك الدرجات العلي في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْتَبُورَ} [فاطر: 29]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فلَهُ بِه حسَنَةٌ، والحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لا أَقُولُ: «ألم» حَرْفٌ، ولَكِنْ «أَلِفٌ» حَرْفٌ، وَ»لَامٌ» حَرْفٌ، وَ»مِيمٌ» حَرْفٌ)). [صحيح]. وكان السلف الصالح رحمهم الله في رمضان لا يشتغلون بغير القرآن، فكان الزهري إذا دخل رمضان يقول: «إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام». وقال ابن الحَكَم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم. وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. وكانت لهم مجاهدات في كثرة الختمات رواها الأئمة الثقات رحمهم الله جميعا، فكان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليالٍ مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة. وقال ربيع بن سليمان: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة. وروي أن مجاهدًا رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء. فلنقتَدِ برسولنا الكريم وصحابته المقربين وسلفنا الصالحين في هذا الاهتمام البالغ بالقرآن والحرص على كثرة الختمات في رمضان لعلمهم بعظيم الأجر في هذا الشهر المبارك. فاللهم وفِّقنا لختم كتابك العزيز في شهرك الكريم واجعلنا اللهم من أهل القرآن في كل وقت وحين. اللهم آمين.