14 سبتمبر 2025

تسجيل

تقوية الروابط والصلات

28 مايو 2018

الروابط والصلات هي روابط اجتماعية يقوم عليها المجتمع، وهي فطرة فطر اللهُ الناسَ عليها، وقائمة منذ بدأ الله الخلق، فهذا هدف من أهداف الإسلام وهو إقامة مجتمع مترابط متراحم متعاطف ينتشر فيه الخير والمحبة والإخاء. تقوية الروابط والصلات نص عليها الله في كتابه العزيز، وأشار إليها رسوله الكريم في أكثر من موضوع. والروابط والصلات متعددة ومتنوعة، فأقواها وأهمها هي (صلة الرحم) فصلة الرحم عبادة عظيمة من أخص العبادات، فقال عنها ربنا سبحانه وتعالى: فآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فقد أمر الله بالرأفة بذوي القربى (الأرحام) كما نرأف بالمسكين وابن السبيل. بل قد جعل حقَّهم مقدمًا على الفقراء والمساكين، حيث قال: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ" فجعل ذوي الأرحام مقدمين في الحقوق على البقية. هذه دعوة من الله تعالى بأن نصل رحمنا، فإذا جاء رمضان أكثرنا من ذلك الوصل وتراحمنا وتوددنا إلى بعضنا البعض، واجتمعنا على الخير لا على العتاب والمشاجرات، فقم بصلتهم ولو كانوا أهل شجار وأهل سوء. فقد أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ».  كما أن صلة الرحم هذه يتأتى بها حصول المغفرة من الله والبركة في الرزق والعمر حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ، وَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».  هيا صِلُوا أهلكم ووالديكم إن كانوا بعيدًا عنكم، تفقدوا أحوالهم وفوزوا بالأجر وحصول المغفرة والبركة. تذكروا إخوانكم في رمضان فربما منا من تزوج أخوه وذهب لمكان بعيد أو انتقل لمكان عمل بعيد، وقطعت عنه الصلة، أخي الذي تربطني به أقوى العلاقات، أخي أقرب أرحامي، أصبح أخي يمرض ولا أعرف إلا عن طريق المصادفة، هذه الأمور خاطئة يا إخواني، فإن أخاك أو أختك لهم حقوق عليك في السؤال، وصلة الرحم، والمشاركة، والمعاونة، وفك الكرب، وسداد الدين، وتفقد الأحوال، وقضاء الحوائج، فلا تتركوهم ربما خجلوا من طلب المساعدة من الغرباء، فأين دوركم فأنت الأَوْلى وأنت الأقرب لهم، فهيا تفقدوهم وتبادلوا الود بينكم من جديد، وأعيدوا أيام الأنس والصفاء والرحمة بينكم. الروابط والصلات في المجتمع ليست كلها روابط الأرحام فحسب، ولكن هناك روابط مهمة أيضا لا بد من الحرص على تقوية الصلات فيها، فهناك الجيران والأصدقاء، وخصوصًا مَن كان لهم فضل علينا. في زماننا هذا أصبح الجميع منغلقًا على نفسه، كلٌّ في أحواله وأموره منشغل مبتعد عن الآخرين، فأصبحنا لا نعرف شيئا عن جارنا الذي بيننا وبينه خطوات قليلة، ربما مرض وربما حدث له حادثة أو كان في كرب أو في عسرة، ونحن لا نعلم عنه شيئا، والله ربما توفاه الله وكنا آخر من يعلم. ليس ذلك من خلق الإسلام، فهيا انهضوا إخواني الكرام واجعلوا من رمضانكم هذا تقوية لكل الصلات وإعادة الود بيننا مرة أخرى، فالجار له حق علينا وقد أوصانا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ» ليس ذلك فقط بل قال: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ». فأكرموا جيرانكم وتبادلوا معهم الزيارات وتفقدوا أحوالهم، ومن وقع منهم في كربة فإننا أولى الناس بفك كربته والتفريج عنه، أطعموهم مما تطعمون، اصطحبوهم في صلاة التراويح، اجعلوا رمضان هذا عودة لروح المودة بينكم وبين جيرانكم من جديد. أما عن الأصدقاء فقد مر العمر ونسي كل منا أصدقاءه بعد أن كانوا منذ سنين قليلة في مرتبة الإخوان، كانوا يأكلون معنا ونذاكر معًا، وكانت الأم تضع لنا طعاما واحدا، أو كنا نتفقد أحوال بعضنا يوميا لا ينام أحد إلا وقد علم ما مر به صديقه في يومه، الآن قد تبدَّل الحال وقطعنا الأصدقاء قطعًا تامًّا فربما تقابلنا صدفة ويأخذ كل منا برهة ليتذكر ملامح الآخر. هيا إخواني تفقدوا أصدقاءكم ولا سيما من لهم حق وفضل عليكم، ادعوهم للزيارة واسألوهم ماذا فعل بهم الزمان؟ خففوا عنهم كربهم، تبادلوا الود والرحمة بينكم من جديد، ولا تنسوا أنكم في شهر مبارك تتضاعف فيه الحسنات.