17 سبتمبر 2025
تسجيل* الحب عندما يدغدغ شغاف القلب لا يعترف إن كان المحب بصيراً أم أعمى.. لذا رأينا الكثير من الشعراء العميان. يتغزلون بمحبوباتهم مثل المبصرين تماماً، ومن أشهر الشعراء العميان الذين ركزوا على الوصف الشاعر الضرير بشار بن برد كقوله: يُزَهدني في حبِّ عَبدَة مَعْشرَقلوبهمو فيها مُخَالفةٌ قلبيفقلتٌ دَعوا قلبي وما اختارَ وارتضَىفبالقلب لا بالعين يُبصر ذو الحبِّفما تُبصر العينان في مَوْضع الهَوَىولاَ تَسمعُ الأُذنان إلاَّ من القَلبِ وهو القائل أيضاً:يا قوم أذني لبعض الحيِّ عاشقَةٌوالأذَنُ تعَشقُ قبل العينِ أَحياناًقالوا بمن لا تَرَى تهذي فقلت لهمالأذنُ كالعينِ تُوفي القلبَ ما كانا وهو القائل أيضاً:وكأنَّها لما مَشَتْأَيْمٌ تَاوَّدَ في كَثيبْ ورغم أنه ضرير ولم ير الشمس إلا أنه قال:كالشَّمسِ إنْ بَرَقَتْ مَجاسِدُهاتَحكي لنا الياقُوتَ والذَّهَبا أَهاجَك البَرقُ؟* ولدينا شاعر آخر ملأ الدنيا منذ زمانه إلى يوم الحاضر، وهو فيلسوف الشعراء العرب.. إنه الشاعر الكبير المبدع أبو العلاء المعري (رهين المحبسين) وهو أيضاً ضرير ولكنه في هذه القصيدة يصف السيوف ويصف الكواكب والحمام وشبك الصيادين:اهاجَك البَرق بذاتِ الأمعَزبين الصّرَاةِ والفراتِ يَجْتَزيمثلَ السُّيوفِ هَزَّهُنَّ عارضٌوالسيفُ لا يَروُعُ إنْ لم يَهْزَزِبَدَتْ لنا حامِلَةً اَغمادَهاحَمائلٌ من الدُّجَى لم تُخْرَزِفي بَلْدَةٍ نَهارُها ليلٌ سِوىكواكب إلى النهارِ تَعْتزيكانَّها سِرْبُ حَمَامٍ واقِعٌفي شَبَكٍ من الظَّلامِ تَنْتَزيجَرَّدَتِ الحَيَّاتُ فيها لبْسَهاوطَرَّحَتْ للرِّيحِ كُلَّ مِعْوَزِإنْ نَفَخَتْ فيهِ الصَّبا رايتَهُمثل عَمود الذَّهبِ المُخَرَّزِ * وقال شاعر ضرير آخر:إنْ كنتَ لستَ معي فالذكرُ منكَ معييَراكَ قلبي وإنْ غُيِّبَتْ عن بَصَريالعينُ تُبصرَ من تَهوى وتَفقدُهُوناظِرُ القلبِ لا يخلو من النَّظَرِ * ويقول أبو العز الضرير:قالوا عَشِقتَ وانتَ أعمىظَبياً كحيلَ الطَّرفِ أَلمَىوَحُلاهُ ما عايَنْتَهاوتقولُ قد شَغَلَتْكَ وَهْمَامن أينَ أَرسلَ للفؤادِوأنتَ لَم تَنْظُرهُ سَهْمَا؟فأَجبتُ إِنِّي مُوْسَويالحبّ إنصاتاً وفَهْمَاأَهوى بجارحةِ السماعِولا أرىَ ذات المُسَمَّىوسلامتكم...