11 سبتمبر 2025

تسجيل

شهر غفل عنه الناس

28 مايو 2015

يجب على كل مسلم أن يعبد الله بما شرع له في كتابه أو جاء مبينا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لذا فهو مطالب دائما بالمداومة على الطاعة والاستمرار في الحرص على تزكية النفس ومن أجل هذه التزكية شرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من القرب تكون تزكيته لنفسه وبقدر تفريطه يكون بعده عن التزكية، لذا كان أهل الطاعات أرق الناس قلوبا وأكثر صلاحا وأهل المعاصي أغلظ قلوبا وأشد فسادا، فلقد اختار الله من الأزمان أياما مباركات تكون وسيلة للإكثار من للطاعات اصطفى فيها أياما وليالي وساعات فضلا منه وإحسانا يمسحون فيها عن جبينهم وعثاء الحياة ويستقبلها المسلمون ولها في نفوس الصالحين منهم بهجة وفي قلوب المتقين فرحة،فرب ساعة قبول فيها أدركت عبدا فبلغ بها درجات الرضا والرضوان،فالمرء العاقل الذي يحذر المعصية فهو يراقب نفسه وينهاها عن غيها حتى لا تورده المهالك في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، لذا فهو يقدر للزمن حقه ويخشى أن يظلم نفسه في هذه الأيام الطيبة، فلا تظلموا فيهن أنفسكم والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لحرمتها.فإن العبودية للبارئ عز وجل من أجل الأعمال وأفضلها فهي إحساس المرء بالافتقار المطلق إليه والاعتماد عليه في كل الأمور، والافتقار إلى الله تعالى أن يجرد العبد قلبه من كل الفتن والأهواء، ويقبل على العبادات متذللا مستسلما لربه متعلقا قلبه بمحبة الله تعالى وطاعته، فحياة المؤمن كلها صراع بين الحق والباطل والهدى والضلال، فإن هو استجاب للشيطان والهوى تردى إلى المهالك والخسران، وإن هو استجاب لداعي الحق والهوى ارتقى إلى أعلى الدرجات، فإننا في الأيام الماضية هل علينا هلال شهر شعبان يذكرنا بالأيام العظيمة والفوائد الجسيمة التي يمنحها الله عز وجل لعباده المؤمنين، فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل هذه الأيام مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح ويتنافسون فيما يقربهم إلى ربهم فالسعيد من اغتنم تلك المواسم ولم يجعلها تمر عليه مرورا عابرا، فإن المسلمين يعتبرون بأيام الله فيسعون جاهدين في الأيام المفضلة السعي إلى رضا الله تعالى يبتغون رضوانه ويرجون جنانه ويخشون نيرانه، فعندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم انتباه الناس إلى شهر رجب في الجاهلية، وتعظيمه وتفضيله على بقية شهور السنة ورأى المسلمين حريصين على تعظيم شهر القرآن الذي امتدحه الله تعالى في كتابه فهو شهر رمضان شهر القرآن والصيام، وبين أن فيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، فاهتم المسلمون بهذا الشهر العظيم واجتهدوا فيه بالعبادة من صلاة وصيام وصدقات، وعمرة إلى بيت الله الحرام وغير ذلك من أعمال البر والصلاح، عندئذ أراد الهدي النبوي أن يبين للناس فضيلة بقية الأشهر والأيام فإن الله تعالى خالق الأيام باق مطلع على سرائر الأعمال وأمرنا بالاجتهاد في كل الأيام، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم في شعبان فقال صلى الله عليه وسلم: (ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) رواه أحمد وسؤال أسامة رضي الله عنه يدل على مدى اهتمام الصحابة الكرام وتمسكهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وبالفعل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلا كما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها في الحديث المتفق على صحته ولا بد من وجود أمر هام وراء هذا التخصيص من الصيام في مثل هذا الشهر وهذا ما نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، إذا فإن أعمال العباد ترفع في هذا الشهر من كل عام، وتعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس من كل أسبوع فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن ترفع أعماله إلى رب العالمين وهو صائم لأن الصيام من الصبر وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، فشهر شعبان شهر عظيم عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحري بنا أن نعظمه وأن نكثر من العبادة والاستغفار فيه تماما كما جاء وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فنحن في شهر من شهور الله تعالى المباركة، فمما أحدث الناس وبدلوا ما يعرف بالاحتفال بليلة النصف من شعبان، ولم يرد في فضل قيام هذه الليلة أو تخصيص صيام نهارها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام رضوان الله عليهم .