01 نوفمبر 2025

تسجيل

تقسيم الجيش المصري بالانتخابات

28 مايو 2013

في محاولة جديدة لإعادة الجيش إلى المعترك السياسي، ألزمت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشورى بالسماح لضباط الشرطة والجيش بالتصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ مصر التي يصوت فيها الشرطة والجيش، وبما يناقض مواد قانونية تحرم وظائف معينة منها القضاء والشرطة والجيش من ممارسة حقوقهم السياسية. وأكدت المحكمة في قرارها بشأن مشروع قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الذي أرسلته لمجلس الشورى. أنه لا يجوز حرمان أي مواطن من ممارسة حقه الدستوري في الانتخاب متى توافرت فيه شروطه. إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرر موضوعي مؤقت أو دائم. يرتد في أساسه إلى طبيعة حق الاقتراع وما يقتضيه من متطلبات. هكذا أعلنت المحكمة الدستورية عن بدء فصل جديد من فصول الصراع بين "المنتخب" الذي يمثله رئيس الجمهورية ومجلس الشورى، وبين "المعين" الذي يمثله القضاء. فبالتعارض مع الدستور والقانون وكذلك السوابق القضائية التي حرمت على أعضاء المؤسسة العسكرية وهيئة الشرطة والمؤسسة القضائية، المشاركة في العملية الانتخابية تصويتا وترشيحا، جاءت المحكمة الآن لتعلن أن هذا التحريم لا يجوز لأنه يخالف مبدأ المساواة وكذلك المواطنة. والملاحظ أن قرار المحكمة الدستورية لم يستطع التمييز بين الإقرار بالحق والإعفاء منه تغليبا للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهي الفلسفة التي التزم بها القانون المصري الذي أعفى العسكريين من المشاركة في الانتخابات عام 1976 حرصا على سلامة وحيادية المؤسسات الأمنية. وهو بذلك لم يحرمها من هذا الحق بل أعفاها من ممارسته بعد الإقرار به. ومن هنا يظهر بوضوح أن المحكمة الدستورية أرادت من وراء قرارها هذا خلق أزمة دستورية جديدة تضاف إلى الأزمات التي خلقتها من قبل حينما قبلت بتعديلات في قانون انتخابات مجلس النواب تتعارض مع الدستور. فضلا عن السعي الدائم للمحكمة لتوسيع دورها الذي يتحدد في تفسير الدستور وتقرير مدى دستورية القانون، إلى المشاركة في عملية التشريع ذاتها من خلال مطالبة المشرع بتضمين القانون نصوصا غير موجودة به كما حدث خلال المرة السابقة وكذلك هذه المرة. فقضية تصويت العسكريين لم تكن مطروحة أو مثارة في متن مواد القانون، إلا أن المحكمة تعدت حدودها وطالبت بتضمين القانون فقرة تتحدث عن هذا الأمر. يبدو أن المعين (القضاء) ما زال مصرا على افتعال الأزمات والصدام مع المنتخب (الرئيس ومجلس الشورى) من أجل تعطيل مسيرة الديمقراطية التي خلقتها ثورة يناير، على اعتبار أنه يمثل أحد أدوات النظام القديم من أجل العودة مرة أخرى لسدة الحكم.