11 سبتمبر 2025
تسجيلرباه، ما أخبار السماء؟ أضجّت بالدعاء والابتهال ليلة البارحة، ويا واسع الرحمة هل اتسعت لضعف رجائنا وذل دعائنا؟ وما أخبار الأرض يا رباه؟ أوصُلبت عليها الانسانية كأتعس محاولة للتغافل بعد أن سمّى الدمع بـ (جلد الذات )؟ وما أخبار الشام؟ أوَأبصر الشهداء الحور؟ وكيف هو مستقرهم فى أجواف الطير؟ وكيف أصبحن الشهيدات وهن سيدات الجنة؟ وما أخبار أطفال الشام فى الجنة؟ أهم استُبدلوا بألعابٍ ومراجيح من نور؟ أضحكاتهم هى الشمس التى أشرقت على صبح الحياة؟ تلك الأسئلة التى بها استصرخ فكرى قلمى وأنا أحاول أن أكتب فى موضوعاتٍ مغايرة وبأسلوب كتابيٍ جديد، كان يستنطقه بغضب وألم، ضجيج مدينةٍ تئن فى ذهني، لم تنم ولم تتركنى أهدأ، كانت مطرقة شرسة تطرق رأسى وتقول (الولاء والبراء) فكنت أنظر للعالم بوجلٍ جم. ولأننى لم أألف على الخوض فى الأمور السياسية، لم أكن لأنطق لولا أن صفعتنى خيبة الشام التى كانت تحف أجنحتها على شهدائها، تغسلهم بدمعها صامتة وهى تبصق على اللا انسانية، أدركت حينها، أن الأمر ارتفع ارتفاعاً يتجاوز سقف السياسة، ليطعن بخنجرٍ من البشاعة سقف الانسانية. أيقنت بعد أن ناظرت أصابعى التى كنت قد آمنت أنها بالحروف تُنير دائماً، هى أصابع كفيفة، لا ترى النور وان أضاءت، آمنت أن أقلاماً لا يستنكر الأحداث الراهنة هى شياطين أخرسها الحق. ان أطفالاً يرتعون فى دمائهم، ولا ضرر..! ان أطفالاً يُصب عليهم وابل من الهلع والجزع ثم هو الموت يُطبق على أرواحهم، فتلفظها أجسادهم تسلّمها للملائكة لتُأخذ فى سكينةٍ الى السماء. ان أطفالاً تتجلّى لهم فى لحظة الموت المآسي، ويتمثل لهم البؤس، فيكون ذلك آخر عهدهم بالحياة، التى قد تكون جميلة لولا..! من للمسلمين ان لم نكن نحن..! من للانسانية ان لم نكن نحن..! من للشام ان لم نكن نحن..! ولأن التاريخ خُلق للعلم وللعظة ولاستقراء المستقبل، فقد كنتُ أٌقرأ قصة التتار، تلك التى يقول فيها الكاتب انها عجيبة بكل المقاييس، ولولا أنها موثقة فى كل المصادر، لقلنا انها خيال أو أغرب من الخيال، ولعلّ أبرز ما تميّزوا به أنهم (بلا قلب )، فكانت حروبهم تخريبا لا يفرقون بين رجل وامرأة ولا بين رضيع وشاب، ابادة جماعية وطبائع دموية لا تصل فيها أشد الحيوانات شراسةً، وكأن قصدهم افناء النوع، لا بقصد الملك والمال (لا يرقبون فى الله الاّ ولا ذمة )، حتى شاء الله أن يقف سيف الدين قطز — رحمه الله — قُبيل معركة عين جالوت يخاطب الأمراء ويبكى ويقول (يا أمراء المسلمين، من للمسلمين ان لم نكن نحن )، فخشعت القلوب وضجوا جميعاً بالبكاء) فكان أن جاء نصر الله والفتح. بكيتُ ملياً وأنا أبصر أن التاريخ يٌعيد نفسه، ولا حول ولا قوة الا بالله، ومن ثم فاننى قد استبشرت خيراً بأن الله رحيم بخلقه أن ثبّت لهم فى الأرض سنناً لا تتغير ولا تتبدل، بهذه السنن تستقيم حياة الناس، استبشرت أن ثمة نصراً مجيداً يسير على الطريق، آمنتُ أن الشام المضرجة بالدماء، نحن فقط من نراها على ذلك الوضع المُبكى والمُخزي، فى حين أنها جنة لا شمس ولا زمهرير، لا يُبصر نعيمها الا شهداؤها.. اللهم ان هم تمردوا تمرد التتار، فانا نسألك نصراً كنصر عين جالوت، اللهم واخرج منهم قطز، وصلاح الدين الأيوبى ويوسف بن تاشفين، وارباه ان الشام لا تخيب وهى فى ذمتك. (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)