11 سبتمبر 2025
تسجيلغدا سيتوجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع ليقولوا كلمتهم والتصويت بـ "نعم" أو "لا" في الاستفتاء الشعبي على الدستور الدائم للبلاد. غدا موعدنا مع يوم تاريخي وفريد من نوعه في قطر. فلم يسبق للمواطن القطري أن استشير في أمر يخص البلاد بهذه الطريقة الحضارية. والاستفتاء قمة لمبدأ الديمقراطية وتكريس لإرادة الشعب في إقرار ما يراه مناسبا للوطن والمواطن. وهو حلقة متصلة لسلسلة الإصلاحات السياسية والاجتماعية والتعليمية والتنموية التي تشهدها قطر منذ تقلد سمو أمير البلاد المفدى حفظه الله مقاليد الحكم في البلاد. وأهم ما يواجهنا اليوم هو إدراكنا لهذه المرحلة الانتقالية من التطور السياسي للدولة. مرحلة تتطلب منا فهما ووعيا صحيحين لما تعنيه دولة المؤسسات والمشاركة الشعبية وعلى رأسها الاستفتاء الذي سيتم غدا بإذن الله. فالمشاركة تتطلب منا أن نرقى لمستوى المسؤولية في الإدلاء بأصواتنا لنقرر بأنفسنا كيف ستكون حياتنا وحياة أجيالنا القادمة. وبالرغم من أن قراءة سريعة لما احتوته الصحف وأجهزة الإعلام الأخرى من آراء تكاد تجمع والحمد لله على أن الدستور خطوة إصلاحية كبيرة لتنظيم أمور الدولة ومكسب تحسدنا عليه الكثير من الدول، فإننا نجد القلة من يخوض في مواد الدستور خوض من لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب. فتراه يعترض على كل كبيرة وصغيرة في بنود الدستور، وينظر إلى الأمور بمنظار أسود. لهذا وأمثاله نقول لهم التالي: كان لدينا دستور مبدئي مؤقت صدر في الستينيات، لا يعطينا إلا القليل مما نتمناه. والآن حصلنا على دستور دائم يعطينا الكثير مما نتأمله.... فهل نقول له لا! دستور مصدره الرئيسي الشريعة الإسلامية والقسم الذي يؤديه الأمير بعد مباشرة صلاحياته ونائب الأمير بعد تعيينه وأعضاء مجلس الشورى قبل مباشرة أعمالهم "أقسم بالله العظيم أن أحترم الشريعة الإسلامية والدستور والقانون".... فهل نقول له لا! دستور يرسي دعامات العدل والإحسان والمساواة، ويكفل الأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص للمواطنين. ويعنى بالصحة ويكفل التعليم والحرية الشخصية.... فهل نقول له لا! دستور ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات وأن القانون أساس الحكم.... فهل نقول له لا! دستور يكون فيه كل وزير مسؤولا أمام مجلس الشورى عن أعمال وزارته، ويجوز طرح الثقة عنه إذا ثبت عدم كفاءته أو أمانته.... فهل نقول له لا! دستور لا يجيز طلب تعديل الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات الشخصية إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن.... فهل نقول له لا! الدستور بصيغته الحالية وحسب المادة 148 يحق لنا أن نعيد النظر فيه بعد 10 سنوات، وهي فترة قصيرة جدا في حياة الشعوب. فترة تتيح لنا معايشة التجربة معايشة حقيقية تقر الثوابت وتستثني الحالات الشاذة. وبعد الـ 10 سنوات الأولى يستطيع المجلس أن يعدِّل في أي من بنود الدستور بما فيها المادة 148... فهل نقول له لا! أكاد أجزم أن هؤلاء لو درسوا بنود الدستور بتأنٍ لكان لهم رأي آخر. رأي يتوافق مع الأغلبية التي ترى أنها جزء من الدعامة الأساسية التي تتجسد في المشاركة لبناء ديمقراطية هذا الوطن. وغداً سيكون مستوى المشاركة الشعبية في الاستفتاء مؤشراً لمدى وعي المواطنين وتفاعلهم مع هذه المرحلة من مصير الأمة. ولنا غداً خياران لا ثالث لهما.. إما أن يكون لنا شرف المشاركة بأصواتنا في وضع الأسس التي سيرتكز عليها مستقبلنا ومستقبل وطننا المعطاء. أو الاكتفاء بالجلوس على هوامش الأحداث وحواشي كتب التاريخ.