13 سبتمبر 2025
تسجيلالسادية مرض نفسي يجد المصاب به لذة فائقة في تعذيب الآخرين. انتقلت من ممارسات الفرنسي ماركيز دي ساد الجنسية ورواياته، إلى الحياة في عمومها. صارت صفة لمن لا يستمع في العمل لرأي غير رأيه، ويهين المخالفين، ويمارس عليهم القهر بسلطته. أو قد تجدها في بعض البيوت حين تعرف أن الزوج شديد القسوة على زوجته أو أطفاله، ويستمتع بذلك. أن تجدها في بعض الحكام فهو أمر على طول التاريخ، ينتهي بصاحبه أسوأ نهاية، مهما طال به الزمن!. منذ ثلاثة أيام أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف الحرب في غزة خلال شهر رمضان. صدر القرار بينما وصلنا إلى منتصف رمضان. تاريخ إسرائيل مع قرارات مجلس الأمن هو تاريخ الإهمال لها وعدم الاستجابة. لكن صدور قرار بعد أكثر من فيتو من قبل من أمريكا، أثار مناقشات قليلة، مثل أن امتناع أمريكا عن التصويت يعد بشكل أو آخر دعما للقرار. ومثل أن موقف أمريكا من القرار محاولة من بايدن أن يكسب الانتخابات القادمة، خاصة أن الشارع الأمريكي يغلي بالمظاهرات، ضد ما يحدث في غزة من إسرائيل، ودعم أمريكا العسكري لها. هذا تفسير أفضل. لكن السؤال الغائب عن إسرائيل والدول المساندة لها، هو كم يوما مر الآن على الإبادة الجماعية لغزة وأهلها. أكثر من مائة وسبعين يوما لم تحقق فيها إسرائيل هدفها. فلا حماس انتهت، ولا أهل غزة رحلوا منها ولن يرحلوا. هكذا قرر أهل غزة منذ اليوم الأول. الذين يعبرون إلى مصر أعداد قليلة أغلبها أو كلها من المرضى. لن أكرر ما فعلته إسرائيل في المباني والمستشفيات وغيرها فهو لا يخفى على أحد. ولا ما ترتكبه من خطايا في حق المسجونين أو المعتقلين أو النساء أو الأطفال، فلا شيء يخفى كما قلت على أحد. السؤال الذي يأخذنا إلى السادية هو، هل حققت إسرائيل هدفها بعد هذه المائة والسبعين يوما، على بدء عملياتها البشعة، التي تضيق ألفاظ القبح والبشاعة في اللغة العربية، وأي لغة، عن وصفها. لماذا لا يسأل حكام إسرائيل أنفسهم كيف ضاع كل هذا الوقت دون أن يحققوا هدفهم في إفراغ غزة من أهلها. أعرف أن هناك صراعا على الحكم بين نتنياهو وحزبه والأحزاب الأخرى، فهل استمرار نتنياهو وحكومته في هذا الإجرام ليحصل مثلا على نصر، يعفيه من الحساب يوم يترك الحكم. هذا بالطبع وارد جدا في تفسير الأمر فيما يخصه، وما يخص كل مساعديه في الحكومة. لكن للمسألة جانبا آخر هو السادية. ما يفعله هذا القاتل ومن معه هو السادية في أكبر تجلياتها، لأنه لو أعمى، فليس أطرش ليعرف عدد الأيام التي مضت دون أن يحقق نصرا. الأمر نفسه في بايدن الذي يمارس ساديته على شعب بعيد، يعرف جيدا أنه لا يملك العتاد ولا السلاح الكافي، في مواجهة إسرائيل. أن تستمر مائة وسبعين يوما تشن حربا لا فائدة تُرجى منها، ليس إلا سادية. ومرضا نفسيا لا تصلح السياسة لتفسيره. الأمر لا ينطبق على بايدن فقط من خارج إسرائيل. في البداية كنت أقول إن دولا مثل انجلترا وفرنسا وألمانيا، تكفر عن ذنوبها في معاداة السامية بالطريق الخطأ، والآن أقول وقد طال الوقت بلا فائدة لهم، إنها دول رُزقت بحكام مرضى نفسيين، السادية علامتهم. لا يدرك هؤلاء أن الفلسطينيين ليسوا مازوخيين ليستمتعوا بما يُمارس عليهم من جرائم. كما لم يمارسوا السادية على أي ممن اعتقلوهم من الإسرائيليين. الفلسطينيون لا يفرحون بتعذيب غيرهم، لكن فرحهم ظاهرا أو خفيا، هو في التمسك بأرضهم.