14 سبتمبر 2025

تسجيل

أنت مميز

28 مارس 2023

مع عودة رمضان كل عام نتذكر مَن حولنا في المجتمع، أو من بيننا داخل العائلة أو الأسرة، أشخاصًا فقدناهم كانوا معنا رمضان الماضي ولم يكتب الله لهم إدراك رمضان هذا العام، نسأل الله لهم المغفرة والرحمة وأن يكتب أجورهم كما لو كانوا معنا في رمضان. هؤلاء الذين انتقلوا إلى الدار الآخرة توقفت مسيرتهم عند هذا الحد في الدنيا، نسأل الله لهم حسن الجزاء. أما نحن، ومَن كتب الله لهم بلوغ رمضان هذا العام، فلا شك أنهم في نعمة عظيمة وميزة فريدة كان سلفنا الصالح يتضرَّع إلى الله ليبلغهم إياها. قال ابن رجب - رحمه الله -: لقد كان السلف الصالح يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم. وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلًا. فبلوغك رمضان لا بُدَّ أن يكون مميزًا، وعليك أن تُحسن استضافته وتعطيه بالغ اهتمامك، فلا يدري المرء هل يحيا لرمضان المقبل أم لا. كيف تجعل رمضانك مميزاً؟ تتعدَّد وجوه الخير التي يمكننا القيام بها في رمضان ليكون أكثر تميزًا وأبلغ أجرًا ومثوبةً، ولا شك أن الصدقة من أنفع الأعمال للإنسان في رمضان وغيره، ولكون رمضان يتعلَّق بالطعام والشراب وتزداد فيه النفقات، مما يشكِّل عبئًا ثقيلًا على بعض الناس ويشق على المحتاجين والفقراء شراء احتياجات رمضان، فكان من هدي رسولنا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - كثرة الصدقة والعطاء في رمضان، فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - أجودُ بالخير من الريح المرسَلة» (رواه البخاري). ما أجمل تعبير «ترجمان القرآن»، شبَّه جود النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - بالريح المرسلة، ممَّا يدلِّل على سرعة الصدقة وانعدام التراخي في العطاء مع سخاء وكرم في البذل من رسولنا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. لذا، وجب علينا الاقتداء به لعظيم فضل الصدقة في رمضان. فالصيام مع الصدقة أجره مضاعف، والصدقات أبوابها كثيرة في رمضان. كما قال النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم -: «إنّ في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها»، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «لمن طيَّب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلَّى بالليل والناس نيام». واعتياد الإنسان العطاء والسخاء في رمضان يشجِّعه عليهما في سائر شهور العام حتى يصير البذل والصدقة صفة من صفاته وميزة وعلامة له دون غيره، وهذا من التعرُّض لنفحات رمضان التي تجعل المؤمن مميزًا في رمضان وغيره. ونحن نرى ذلك ونلمسه في مؤسَّستنا وما تُسهم به من جهود على المستويين الداخلي والدولي، وهذا يتحقَّق بسواعد المخلصين من المتطوعين والمحسنين من أهل العطاء والسخاء. فاللهم وفِّقنا لنكون من المميزين في رمضان، وأعِنَّا اللهم على التحلِّي بخير الخصال.