12 سبتمبر 2025
تسجيلثالثاً: كان من أوائل القطريين الذين هُرعوا للعمل في ميدان النفط مع الكثيرين من الشباب والكهول بعد سنوات صعبة أعقبت انهيار أسعار اللؤلؤ الطبيعي بسبب اكتشاف وانتشار اللؤلؤ الصناعي، وبعد دخول العالم بأسره في دياجير الحرب العالمية الثانية، وما جرته على العالم من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وقد تم ندبه إلى جانب عمله بقطر للبترول في 1948/6/20 إلى الرئيس المسؤول عن المخازن الخاصة بقطع غيار السيارات والآليات التابعة للمشاريع النفطية، وكذلك العمل في واحدة من أشق مهام وعمليات الصناعة الجديدة، والتي تتمثل في مد وصيانة الأنبوب العظيم الذي ينقل النفط الخام من حقول دخان إلى ميناء التصدير في مسيعيد بمسافة تزيد على مائة كيلومتر، وذلك ليكون أحد أوائل المساهمين في تدفق البترول والقوة في الكيان القطري، ولتقوم على يد هذا الرعيل الطيب من الآباء والأجداد قواعد بناء قطر الحديثة؛ والتي يراها العالم اليوم بصورتها المشرقة التي تستدعي جميع أسباب الفخر والاعتزاز. وقد كان العمل في هذا المجال ذي الأهمية العالية في الصناعة النفطية شاقاً جداً تولاه أشداء الرجال وأكثرهم جَلَداً ممن يتحملون قسوة الظروف البيئية، ومن مظاهرها العواصف الرملية العاتية وحر الصيف وزمهرير الشتاء، في فضاء مكشوف، بالإضافة إلى التعامل مع المخاطر الأخرى المتعلقة بحجم ووزن الأنابيب، وعمليات الوصل واللِّحام والربط لأجزاء الخط الطويل ببعضها، وقد عمل معه من القطريين خلال هذه المرحلة كل من أخيه الوالد عبدالله حويدر المالكي وعلي سلطان الكواري رحمة الله عليهم جميعاً. رابعاً: قد صدر أمر مباشر من الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر السابق: بأن يتم تعيين القطريين في الصناعة النفطية في بعض المهن الفنية كقيادة السيارات، وأعمال الكهرباء، والنجارة، والحدادة، مما جعل والدي يكتسب من عمله الفني بالنفط الحصول على شهادة برقم العمل (2690) بدائرة الهندسة الميكانيكية من مدرسة دخان المتخصصة في تعليم وتدريب الفنيين في مجال الكهرباء والصيانة ويطلق عليه قديما فني كهربائي وكان قادراً على إضاءة الكهرباء للمنازل في ذلك الحين وتصليح الخلل. ويتميز الوالد بالقدرة على القيام بالعديد من المهارات للتعامل مع الأدوات الكهربائية؛ وأثناء تقاعده قام بالإعداد في بيته ورشة متكاملة للقيام بأعمال النجارة وإصلاح أية أعطال كهربائية تطرأ في المنزل كالراديو والمسجل والغسالة وغيرها، وليتسنى له ذلك قام بصناعة منضدة قوية راسخة الأركان جعلها في وسط ورشته ليتمكن من القيام بمهاراته بأريحية كاملة. كما كان - رحمه الله - يتولى إصلاح بعض أعطال سيارته الخاصة وتبديل بطاريتها بنفسه، ويقوم بتجهيزات حديقة المنزل الذي منحه إياه في الوقت الحديث سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني؛ أمير قطر الأسبق - رحمه الله- في مدينة خليفة الجنوبية وذلك لكونه واحداً ممن أسسوا لصناعة النفط في البلاد. خامساً: في أثناء الإجازة من الدراسة وعمله في دخان: - وعما أتذكره خلال سنوات طفولتي مع المرحوم والدي كنت أنا وأخوتي وكنت أصغرهم أفرح كثيراً في آخر الأسبوع عندما كانت الوالدة تصحبنا إلى سكن والدي الذي تم تخصيصه له في مدينة دخان، ويكون ذلك اليوم يوم سعادة للأسرة؛ حيث كنا نستمتع بالتنزه في الحديقة المخصصة للعائلات في المدينة، وكذلك بمشاهدة فيلم سينمائي بدار العرض المخصصة لذلك في المدينة، كما كنا ننتشي فرحاً باجتماع شمل العائلة خلال هذه السويعات التي نقضيها معاً هناك. سادساً: أما عن هواياته القديمة: كان المرحوم الوالد يمارس بعض المهارات الرياضية في النادي العربي الرياضي، والذي كان يسمى بنادي التحرير الرياضي خلال الفترة من تأسيسه عام 1952- عام 1972؛ حيث كان موقع النادي في (فريج) الهتمي القديم بالقرب من جسر رأس أبو عبود، وحتى يتسنى له المحافظة على قوامه الرياضي وصحته، وكان يميل إلى الأطعمة المفيدة والتي تبني الجسم كالتمر والسمك. سابعاً: اهتماماته الحديثة (أ) السياسية: كان والدي شديد الاهتمام بأخبار العالم؛ وقد عكف على متابعة نشرات وبرامج قناة الجزيرة لا سيما برنامج (الاتجاه المعاكس). (ب) الرياضية: يحرص على ممارسة رياضة المشي داخل حديقة المنزل وهو يتأمل أشجار النخيل التي قام بزراعتها ويعشقها كثيراً حيث يقول لا يجوع بيت زرع فيه النخيل. ثامنا: وصيته: كان والدنا يحرص على توجيهنا وتعليمنا دائماً؛ فكانت والدتي تقول لي: إن أباك يرى فيك مستقبلاً مشرقاً بسبب حرصك على التعلم والتعليم وكان والدي – الله يرحمه - يوصينا قائلاً هذه العبارة التي خلدت في ذاكرتي حتى الآن: (إن عشتم عصر نهضة النفط والعلم والثراء فعليكم أن تتحلوا بالحلم والأخلاق والهدوء في تعاملكم مع الآخرين؛ على خلاف ما كنا نحن؛ حيث اضطرنا التعب والعمل الشاق وتأمين لقمة العيش والمستقبل الآمن لكم لأن تكون معاملتنا شديدة متسمة بالمزاج العصبي). وأخيرا: - تمت إحالته للتقاعد بتاريخ 1980/5/19 من قطر للبترول، وبعد هذه الرحلة الطويلة والشاقة وإنجازاته في عمله تم تكريم الوالد سلطان المالكي من قبل عدد من المسؤولين في الدولة، ومن ذلك ما تم له منذ فترة وجيزة من قبل وزير الصناعة والطاقة، كما تم تكريمه سابقاً من قبل شركة نفط قطر المحدودة من قِبَل مديره الأجنبي، وفي إحدى المرات التي تم تكريمه بها تم تخييره في الهدية بين أن تكون ساعة رجالية أم نسائية فاختار النسائية ليقوم بدوره بتقديمها لوالدتنا هدية على وقوفها إلى جانبه خلال سنوات عمله القاسية العصيبة. خبير بيولوجي ومدرب معتمد [email protected]