17 سبتمبر 2025

تسجيل

90 % إيرادات واستثمارات أخرى

28 مارس 2004

يصنف الاقتصاد القطري بأنه من أسرع الاقتصادات العالمية نموا، ويأتي هذا نتيجة للسياسات الاقتصادية الحكيمة التي انتهجتها الدولة بقيادة سمو أمير البلاد المفدى خلال السنوات القليلة الماضية في الاستثمار والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية في الدولة. بالإضافة لتحرير الاقتصاد وإنشاء الشركات وخصخصتها والاستفادة من الخبرات والشراكة الأجنبية، حيث قدر النمو في الناتج العام لعام2003 بـ 6.8%، ويقدر أن يرتفع بــ 5%-7% لعام 2004 . خلال الأسابيع والأيام الماضية، أعلنت الكثير من الشركات والبنوك عن نتائجها المالية لعام 2003، والتي حققت فيها أرباحا ونموا جيدين، وهو ما يعكس الأداء القوي للاقتصاد الوطني. وقد أثّر ذلك إيجابيا في إقبال المساهمين على شراء الأسهم التي حقق بعضها مكاسب تجاوزت الضعف خلال شهور قليلة. وسوق الأسهم أصبح أحد أكبر قناتين جاذبتين لأموال المستثمرين، نظرا للأرباح والعوائد الكبيرة التي تحققت من فروق الأسعار بعد الإدراج مقارنة بسعر الاكتتاب للشركات الجديدة. والقفزات السريعة التي حققتها أسعار الشركات الأخرى والتي تراوحت بين 44 % و100% . وبالرغم من أن بعض مستويات الأسهم المتحققة لا تستند إلى المقومات الحقيقية لها، وأهمها حجم الأرباح المحققة منسوبة إلى رأس المال، وحجم الديون وحقوق المساهمين والقيمة الدفترية للسهم، وكذلك الأداء العام للشركة ومشروعاتها المستقبلية. إلاّ أنها حققت أحيانا مستويات لم يستفد منها إلاّ المضاربون في السوق لأغراض معينة وفي تواقيت محددة. والقناة الأخرى هي الاستثمار في الأراضي والعقارات الذي حقق طفرة ذكرتنا بأيام السبعينات. حيث ارتفع سعر القدم المربع في منطقة الوعب مثلا من25 ريالا في يناير الماضي إلى حوالي 60-50 ريالا هذه الأيام. الاستثمار في الأسهم والعقارات أغرى الكثيرين وأحيانا بعض الشركات التي استغلت الفوائض المالية لديها لشراء الأسهم والعقارات بغرض بيعها لاحقا وتحقيق أرباح سهلة للمساهمين فيها. وبنظرة سريعة على البيانات المالية لـ10 شركات مساهمة مختلفة لعام2003 ، نجد أن مجموع صافي الربح للشركات العشر حوالي 1.7 مليار ريال، وأن مجموع ما تحقق من "إيرادات واستثمارات أخرى" بلغ670 مليون ريال، أي بنسبة 39%. وبمعنى آخر أن النشاط الأصلي لتلك الشركات در 61% من صافي الأرباح، في حين جاء الباقي وهو 39% من أنشطة أخرى لا تتوافق مع النشاط الأصلي للشركة. وبشيء من التفصيل، نجد أن "الإيرادات والاستثمارات الأخرى" قد تراوحت نسبتها لدى الشركات الـ10 ما بين 5% و23% في حدها الأدنى و86% و90% في حدها الأعلى. والحكم على نجاح الشركة وإدارتها يتأتى من مستوى الأرباح المحققة من النشاط الأصلي للشركة، باعتباره النشاط المفروض فيه الاستمرار والتطوير، وهو ما يتوافق مع غرض وقانون تأسيس الشركة. أما "الإيرادات والاستثمارات الأخرى" والتي تسعى لها بعض الشركات لتحقيق أكبر عائد ممكن وبشتى الطرق فهي استثمارات خرجت بها من مجال عملها الى مجال عمل شركات أخرى. كما أنها من الإيرادات التي قد لا تتكرر في السنوات القادمة. وعليه، فإن التزام المسؤولين والقائمين على الشركات - قدر الإمكان - بالأنشطة المتعلقة بالغرض الأساسي من إنشاء الشركة، وتطوير عملها ومنتجاتها وخدماتها، والتخطيط البعيد الامد والأمثل لاستثمار أموالها لتعزيز وضعها كشركة متخصصة في مجالها، سيكون له أكبر الأثر في مساهمتها الايجابية في الاقتصاد الكلي للدولة.