13 سبتمبر 2025

تسجيل

إسرائيل في الهاوية: «الحقونا»!

28 فبراير 2024

يبدو أن الأرض تنهار، بوتيرة أسرع مما يتخيل الكثير منا، تحت أرجل الغرب والصهاينة، لينطبق عليهم وعلينا قول ربنا... إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. فها هي إسرائيل تقول «الحقونا». حتى ولو لم يُعلِنوا بها. حتى ولو لم يقُلها نتنياهو. فهناك من ينوبون عنه من مسؤولين وكتاب ومفكرين صهاينة في أماكن كثيرة، وقبلهم أقارب قتلاهم الذين يصرخون «كفى». وها هي الأخبار تترى كل يوم عن معاناة اليهود ومَنْ وراءهم، نتيجة عدوانهم الهمجي على غزة، بتصاعد مستمر يصل إلى حد تهديد إمبراطوريتهم المستمرة منذ قرون. فقد باتوا بالفعل يتسولون مخرجا مما أوقعوا أنفسهم فيه، ولكن يتمنعون! هذه أرقام من مصادر غربية وإسرائيلية تبيّن حجم الخسائر التي تكبدها الكيان للآن. منذ بدء العدوان غادر نحو ربع مليون شخص الكيان نصفهم قالوا «بلا رجعة». أكثر من نصف الشباب يفكرون بالمغادرة، وسط حملة واسعة بشعار «لنغادر الكيان معا». نصف مليون من الإسرائيليين نزحوا عن منازلهم. 40% من الجنود الصهاينة ينهون خدمتهم نتيجة أزمات نفسية، مع سقوط مئات القتلى والجرحى العسكريين، بينما بلغت نسبة التهرب من الخدمة العسكرية أكثر من 32%، علاوة على ارتفاع نسبة الانتحار بين أفراد الجيش مع وصول التكلفة اليومية للحرب إلى 250 مليون دولار، وتجاوز التكلفة الإجمالية 60 مليارا. هذا وسط خسائر فادحة في كل القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية، إذ تم إغلاق ثلث الشركات الخاصة وأخرى أجنبية، وسط توقعات بخسائر اقتصادية تصل إلى 400 مليار دولار خلال السنوات المقبلة. والأهم انكشاف الصورة الحقيقية لبشاعة المشروع الصهيوني وإدراك الكثيرين حول العالم أنها دولة إجرام وإرهاب وليست ديمقراطية. هذه الأرقام عكستها تصريحات سياسية منها تصريح لغادي آيزنكوت الوزير بحكومة الحرب يكذب به ادعاءات نتنياهو عن تدمير 75% من قدرات ‎حماس، وأخرى لرئيس الحكومة السابق إيهود باراك يدعو فيها لمحاصرة الكنيست وإسقاط نتنياهو بالقوة. ويبلور ذلك مقال للكاتب زاك بيوكامب بموقع «VOX» يقول فيه إن إسرائيل ضلت طريقها في هذه الحرب. وينقل معلومات أكدها سبعة أعضاء حاليين وسابقين في الموساد، بأن القوات الإسرائيلية غيرت عقيدتها للسماح بقتل أعداد من الفلسطينيين أكبر بكثير مما كانت تسمح به في الحروب السابقة، وأن قيادة الجيش أقرت ضربة لأهداف مدنية وهم يعلمون أنها ستقتل المئات من سكان غزة الأبرياء، ما يُثبِّت على تل أبيب تهمة الإبادة الجماعية. ويورد كلاما يؤكد صحة ما ذكره آيزينكوت وكَذِب نتنياهو، وهذا الكلام لدان بايمان البروفيسور المتخصص في الإرهاب بجامعة جورجتاون ومفاده أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن القضاء على حماس. ويضيف بيوكامب إن كثيرين توقعوا هذا الكابوس بينهم 10 خبراء التقاهم في أكتوبر الماضي وحذروا من أن تل أبيب لديها مفهوم غير محدد لأهدافها من الحرب، وهو ما يصفه ماثيو داس نائب رئيس مركز السياسة الدولية بأنه «كارثة العصر»، وأن «من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة هو نتنياهو الذي يحاكم بتهمة الفساد ويضع مصالحه فوق مصلحة الكيان حتى في وقت الحرب». ويرى بيوكامب أن نتنياهو لن يغير سياسته طواعية لكن الناخبين وواشنطن ربما يمكنهم تغيير سياسته، أو تغييره هو شخصيا، وإنقاذ إسرائيل من «الهاوية»، على حد تعبيره. يضيف بيوكامب أن مايكل والتزر صاحب كتاب «الحروب العادلة والحروب الظالمة» والذي يتبنى نظرية «أخلاق الحرب» كان مؤيدا لتل أبيب في البداية لكنه دعا قبل أيام إلى وقف القتال قائلا إن الفظاعات التي ارتكبتها إسرائيل جعلتها تخوض حربا لا أخلاقية. ويضيف أنه ليست الفظاعات فقط ما تجعل حرب إسرائيل غير أخلاقية ولكن لأن أهدافها لا يمكن تحقيقها. في غضون ذلك، تغيرت لهجة كثير من المتشددين، وازداد عدد الدول التي تدين وحشية الاحتلال وتتهمه بتنفيذ إبادة جماعية في غزة، ومن بينها دول مثل بلجيكا وهولندا مُطالبةً، ليس فقط بوقف الحرب، ولكن بإنهاء الاحتلال. هذا إضافة إلى انضمام شخصيات دولية إلى المطالبة بوقف الحرب وعلى رأسهم ولي العهد البريطاني الأمير ويليام الذي أثار جدلا كبيرا، قبل أيام، لم يهدأ بعد. هذا في وقت حذرت صحيفة «التايمز» البريطانية من أن الناتو ومعه دول الغرب جميعا وإسرائيل، سيواجهون «أياما سوداء» جراء هزيمة باتت وشيكة لأوكرانيا على يد روسيا، نتيجة انصباب الاهتمام الغربي على إنقاذ إسرائيل. وتشير الصحيفة إلى أن دول أوروبا تشعر بالذعر نتيجة تصريحات المرشح الرئاسي الأمريكي المحتمل دونالد ترمب من أنه سيتركها للدب الروسي ليفترسها «إذا لم تدفع أكثر». ويتزامن ذلك مع تقارير متتالية تؤكد ما أشرنا إليه سابقا من أن النظام الرأسمالي الغربي يحتضر وسط تزايد التحدي العلني من قبل روسيا والصين ودول أخرى أعلنت رسميا ضرب عصب الرأسمالية في مقتل بتوقفها عن اعتماد الدولار في تعاملاتها التجارية. من أبرز الذين أكدوا احتضار النظام الرأسمالي وزير خارجية اليونان الأسبق يانيس فاروفاكيس في كتابه الأحدث «الإقطاع التقني، ما الذي قتل الرأسمالية»، وقال قبل أيام إن هذا النظام برمته قد مات بالفعل، لنفس الأسباب التي ذكرها من قبل باترك بيوكانن في كتابه «موت الغرب»، 2001. إذ أكد أن الغرب سيموت على الحقيقة، وإن أمريكا ستفقد صفتها كدولة غربية بحلول عام 2050، بسبب التحلل الخلقي والفساد، والظلم. وهذا ما أكده أيضا البروفيسور إيمانويل تودد في كتاب جديد بعنوان «هزيمة الغرب». ويبقى الشاهد هنا أنه عندما تنهار الرأسمالية ستنهار إسرائيل وإذا انهارت إسرائيل سينهار النظام الغربي، لأن إسرائيل هي مسمار جحا الذي يُمسك به زمام الشرق الأوسط ومن ثم بقية العالم.