13 سبتمبر 2025

تسجيل

اغتيال داخل السفارة

28 فبراير 2016

كان يقبع داخل السفارة خوفا من الاغتيال والتصفية، لأنه ظن أنه بعيد عن متناول أيدي القتلة، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، ودخلوا عليه في السفارة بدون اقتحام أو كسر، وصعدوا إليه وقاموا بذبحه بدم بارد وإلقائه من الطابق الثاني.المستهدف هو عمر النايف. الصفة: قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. المكان: السفارة الفلسطينية في العاصمة البلغارية صوفيا.البداية كانت بهروب مثير للشهيد عمر من فلسطين بعد اعتقاله، ويروي شقيقه حمزة القصة قائلا: "بعد اعتقالنا بأربع سنوات، كان واضحاً أن حقد الصهاينة علينا وعلى عمر تحديدا، ليس له حدود، إذ تعرّض عمر لاعتداءات متكررة من مدير سجن الجنيد في حينه، وتم نقله إلى أكثر من سجن من قبل ضباط حاقدين، ووُضع في السجن الانفرادي لفترات طويلة، ما جعله يضرب عن الطعام".ويضيف: "عام 1990 قام عمر بحبك خطة محكمة، تظاهر فيها أن تعذيبه وعزله الانفرادي أدى لإصابته بمرض نفسي، واقتنعت إدارة السجن "أن حالته ميؤوس منها، وتم نقله إلى مستشفى الأمراض النفسية في مدينة بيت لحم، ومن هناك تمكن من الهرب خارج المستشفى، وعقب هروبه في 21 مايو عام 1990، اختفى حتى خروجه من فلسطين، ثم غادر إلى الأردن، وعاش في دول عربية حتى عام 1994، حيث سافر إلى بلغاريا واستقر هناك وتزوج، ولديه ثلاثة أطفال، وتحمل زوجته وأولاده الجنسية البلغارية ولديه إقامة دائمة هناك.تكتمل رواية اغتياله حسب شقيقه: "موظفو السفارة وجدوا عمر في حديقة السفارة، ينزف من وجهه والجزء العلوي من جسده، قبل أن يفارق الحياة". ويتابع "المعطيات الأكيدة التي وصلتنا حتى الآن، هو أن السفارة لم يتم اقتحامها بالقوة، وليس هناك أثر لتكسير أو اقتحام أبواب، ويقول حمزة "تمّ تبليغنا الساعة التاسعة والنصف من صباح الجمعة، بأن أشخاص دخلوا السفارة دون كسر الأبواب وبدأ عراك بينهم وبين عمر انتهى بإصابة عمر بشكل حرج". ويكشف أنه "لم يكن هناك أمن على أبواب السفارة أو في محيطها". وقال "إنه كان يتواصل مع شقيقه بصورة شبه يومية، وأن "آخر اتصال هاتفي تمّ بينهما كان حوالي الحادية عشرة من مساء الخميس". ويؤكد أن "عمر كان متروكاً لوحده في السفارة، من دون أمن أو حماية".هناك أسئلة تطرح نفسها بقوة: لماذا تركت السفارة والشهيد عمر بدون أمن وحماية؟ ولماذا تتهم عائلته السفير بتحمل مسؤولية الاغتيال وترفض مشاركة الخارجية الفلسطينية بالتحقيق؟ ولماذا تعمد السفير الفلسطيني في بلغاريا أحمد المذبوح مضايقة الشهيد عمر لإرغامه على ترك السفارة التي لجأ إليها منتصف شهر ديسمبر الماضي؟. ولماذا منع المحامين من الدخول للسفارة؟ ولماذا كانت تتم معاملة الشهيد عمر بطريقة مهينة إلى درجة أنهم رفضوا توفير سرير أو فراش على الأرض له، حيث كان ينام منذ لجوئه للسفارة على أريكة في السفارة، كما تقول عائلته، ولماذا "قام السفير أحمد المذبوح بطرده أكثر من مرة، بحجة أن هناك ضيوفا يحضرون للسفارة؟ ولماذا أعطى تعليماته بألّا يخرج إلى الحديقة، وأن تقتصر زيارة زوجته مرتين أسبوعيا، مع رفضه التصريح للإعلام بأن عمر موجود في السفارة".لا شك أن جهاز الموساد الإرهابي هو الذي اغتال الشهيد عمر النايف، كما اغتال من قبل الشهيد محمود المبحوح في دبي، وكما نفذ أكثر من 40 اغتيالا إرهابيا ضد قيادات فلسطينية من قبل، ولكن المثير هذه المرة أن يتم الاغتيال داخل مقر السفارة الفلسطينية في صوفيا. أنه الدم الفلسطيني المهدور.