16 سبتمبر 2025

تسجيل

الإسلام وكرامة الإنسان

28 فبراير 2014

جاء الإسلام ليحرر الإنسان من كل القيود والمعتقدات الفاسدة، التي تحط من شأنه وليحفظ له كرامته التي أعطاه الله إياها، فقد خلق الله الإنسان وصوره في أحسن صورة ما شاء ركبه ففضله على سائر المخلوقات، فالإنسان ليس كسائر المخلوقات فالله كرمه بأن خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته إكراما له وإظهارا لتفضيله على بقية الخلق، وجعله خليفة له في أرضه ,فإن من أهم ما يجب أن يدركه المرء في هذا الزمان فهم الواقع وإدراك الحال كما هو، وفهم أوضاع الأمة داخليا وخارجيا ليكون الفرد منا مدركا لأبعاد هدفه في الحياة وطريقة تعامله مع الآخرين وخبيرا بما يؤول إليه الحال, لذا ينبغي أن نربي الأجيال على الفهم العميق لمراحل الضعف التي تمر بها الأمة ومراحل التمكين وصفات جيل التمكين, فالإنسان حسب ما تقتضيه الشريعة الإسلامية منوط بالتكليف فهو مسؤول عن عمله ,إنْ خيرا فسوف يجزَى به و إنْ شرا فسوف يعاقَب عليه ، ويؤتَى يوم القيامة كتابه إما بيمينه أو بشماله فهو يقوم بدوره وواجباته في المجتمع ,انطلاقا من المسؤولية التي سيسأل عنها يوم القيامة فكل عبد سوف يأتي الله عز وجل فردا, وكل إنسان من ذكروأنثى في مجتمعه يمارس مجموعة من المسؤوليات التي يفرضها عليه مكان وجوده وقدراته, ومقدار معرفة الفرد لمسؤولياته وفهمه لها.ومن فضائل الحق سبحانه وتعالى على الإنسان أن أوجده من عدم وجعله شيئا مذكورا وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السموات والأرض، وأرسل إليه رسله وأنبياءه هداة ومبشرين ومنذرين يدلُّون الناس إلى طريق الحق الذي يحقق لهم السعادة في الدارين، فالوحي الإلهي تكريم للإنسان لأنه دليله إلى الخير وما يحقق به سعادته في الدنيا والآخرة ,لذا ينبغي على كل مسلم أن يحرص على تحقيق المصلحة والفائدة المرجوة منها، مما يجعل المجتمع متعاونا فعالا تسوده مشاعر الانسجام والمودة بين أفراده, يقول الله تعالى : (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوُا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوْا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) الحج: ٤١ ، لذلك يجب على أفراد الأمة العمل على تحقيق الرقي والتقدم لتظهر ملامح النصر ومعالم التمكين, فعندما يعي المسلم أوامر الدين ونواهيه فيعود نفسه على حفظ الله في فرائضه ,فإن الله سبحانه وتعالى يحفظه في الدنيا ويورثه ثباتا في العزيمة والإرادة القوية ,فلا يبالي بالصعوبات التي تواجهه والآلام التي تعتريه، لأنه علم أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بفرائض هذا الدين، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب وأن العسر يعقبه اليسر، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام، فما كتب الله سبحانه وتعالى النصر لنوح عليه السلام إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربه راجيا فرجه معتمدا عليه في كل شؤونه حتى انكشف غمه وانجلى همه، وأنقذه الله تعالى من بلائه ومحنته وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبرعلى البلاء والامتحان. فلقد جاء الإسلام ليؤكد كرامة الإنسان وليرسخ في الإنسان إحساسه بكرامته وليقوي فيه تمسكه بها، لأنها جوهر نسانيته فبدون الكرامة الإنسانية يصبح المرء لا قيمة له ولا خير يرجى منه ويصير عبدا للشهوات وذليلا لغيره، ويضل الصراط المستقيم, فمن عظمة الإسلام المساواة في شمول الكرامة الإنسانية لكل البشر، فقد منح الله هذه الكرامة لكل الناس بلا استثناء فلا فرق بين غني وفقير وحاكم ومحكوم، فالجميع أمام الله وأمام القانون سواء وفي الحقوق العامة سواء, فالجميع سواسية في طبيعتهم البشرية وعنصرهم الإنساني، وليس هناك جماعة تنحدر من سلالة خاصة ينتقل أصلها هذا إليها بطريق الوراثة، إنما يقوم التفاضل بين الناس جميعا على أسس خارجة عن ذلك مثل العلم والأخلاق والعمل فإن أكرمكم عند الله تعالى أتقاكم , فلقد جاء الإسلام ليقوي تلك الصفة في النفس البشرية وليدلها على الطريق القويم فتحفظ كرامتها وتحقق سعادتها في الدنيا والآخرة, فعندما بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم وجد الأمة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، فكانوا قوما أهل جاهلية يعبدون الأصنام ويأكلون الميْتة ويأتون الفواحش ويقطعون الأرحام ويسيئون الجوار ويأكل القوي منهم الضعيف, فدعاهم إلى الله ليوحدوه ويعبدوه ويخلعوا ما كانوا يعبدون هم وآباؤهم من دونه من الحجارة والأوثان وأمرهم بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ,فقد أكرم الله الإنسان وجعله منوطا للأمانة وحمله إياها واستخلفه في الأرض وارتضى له الإسلام دينا، فالإسلام دين الحياة يدعو الإنسان إلى أن يمارس هذه الحياة بالعمل والإنتاج وأن يكون له دور فاعل وأن يكون متصفا بالعزة والكرامة والشرف.