29 أكتوبر 2025
تسجيلهذا جرس يجب أن يسمعه أهل مصر. أتحدث عن تقرير حصاد القهر في عام ٢٠١٦ الذي أصدره في الذكرى السادسة لثورة يناير مركز «النديم» لعلاج ضحايا التعذيب، صحيح أنه يطلعنا على الشق الفارغ من كوبنا، إلا أنني أزعم بأنه الأخطر والأهم، لأنه يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر. وهذه أيا كان قدرها تظل وصمة يتضاءل إلى جوارها حجم الجزء الملآن من الكوب. وقد وصفت التقرير بأنه «جرس» وليس لائحة اتهام، لأنه ينبهنا إلى ما يستحق أن ننتبه إليه ونتثبث منه، وغني عن البيان أنني لا أتبني بيانات التقرير ولا أدافع عنها، لكنني أقول إن تجاهلها وإثم الصمت عليها جرم لا يقل في فداحته عن جرم ارتكاب الانتهاكات.في تقديم التقرير إشارة إلى أن مادته الأساسية جمعت مما نشرته وسائل الإعلام المصرية وما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي. بمعنى أن دور فريق العمل في مركز النديم ظل مقصورا على تجميع المعلومات وتوثيقها وتصنيفها ثم إطلاق الجرس في الفضاء المصري للتنبيه والتحذير. البيانات المهمة التي سجلها التقرير ما يلي:< خلال عام ٢٠١٦ تمثل حصاد القهر الذي أوردته الصحف والسوشيال ميديا في الأرقام التالية: قتل خارج القانون ١٣٨٤ حالة ــ وفاة في مكان الاحتجاز ١٢٣ ــ تعذيب فردي ٥٣٥ ــ تكدير وتعذيب جماعي ٣٠٧ ــ إهمال طبي في مكان الاحتجاز ٤٧٢ ــ اختفاء قسري ٩٨٠ (ظهر منهم ١٠٥) ــ ظهور بعد اختفاء ٤٢١ ــ عنف دولة ٣١٣.< في توزيع الانتهاكات على المحافظات كانت لسيناء الحصة الأكبر إذ سجلت فيها ١٢٨٦ حالة، بينها ١٢٣٤ حالة قتل و٤٢ حالة اختفاء قسري. واحتلت القاهرة المرتبة الثانية. إذ كان نصيبها ٧٢٧ انتهاكا، بينها ٣٤ حالة قتل و٢٥ حالة وفاة في مكان الاحتجاز ــ ١٢١ حالة تعذيب ٢٠٤ حالة إهمال طبي و١٥١ حالة اختفاء قسري و٩٤ حالة عنف دولة ــ الإسكندرية احتلت المرتبة الثالثة حيث شهدت ١٣٣ انتهاكا كان أبرزها ١٠٧ حالة تعذيب و٨٧ حالة اختفاء قسري، واحتلت الجيزة المرتبة الرابعة، بإجمالي ١٩٥ حالة، كان بينها ٨٥ حالة اختفاء قسري.< كان القصف الجوي مصدر أكثر حالات القتل فقد وصل ضحايا القصف إلى ٤٥١ حالة ــ إلا أن عمليات التصفية (على الأرض) وصلت إلى ٤٤٣ حالة ــ وهناك ٣٦٨ حالة تم فيها القتل بواسطة إطلاق النار في الحملات الأمنية.< خمسة سجون وردت منها شكاوى التعذيب هي برج العرب (٥١٠) سجن العقرب (٣٣) طرة (٢٤) وادي النطرون (٢٠) بورسعيد (١٤) ــ أما أكثر شكاوى التعذيب بين أقسام الشرطة فقد وردت على قسم شرطة ديرب نجم بمحافظة الشرقية (٢٥ حالة) ثم قسم أول المنتزه بالإسكندرية (١٧).< أخبار التعذيب والتكدير الجماعي جاء أكثرها من سجن العقرب (٦٣ خبرا) ثم سجن برج العرب (٣٨ خبرا) ثم سجون طرة (٢١) والوادي الجديد (١٢).< في توزيع المختفين قسريا حسب المحافظات احتلت القاهرة المرتبة الأولى (٥١ حالة) ثم الإسكندرية (٨٧) والجيزة (٨٥) ثم الفيوم (٥٨) والشرقية (٤٥).ليست هذه كل معلومات التقرير، لأن الشق الخاص بالأرقام حافل بتفاصيل أخرى. فضلا عن أن ثمة جزءا تضمن شهادات من السجون وصفت أوضاعها، وثمة جزء آخر تضمن شهادات معتقلين سابقين سجلت معاناتهم، وثالث سجل شهادات أهالي المسجونين...إلخ.لم أستغرب التصريحات الرسمية التي أنكرت كل ما سبق، الأمر الذي يشكك في أن الانتهاكات ليست انحرافات أمنية ولكنها تنفيذ لسياسة الدولة. لكنني أستغرب سكوت «النخبة الوطنية» وعدم اكتراث أغلب عناصرها إزاء ما يجرى. وهو ما يقدم لنا تعريفا جديدا للمصطلح يختلف عما نعرفه يفقد النخبة شرعيتها، ويفرغ الوطنية من أحد أركانها. أما أم العجائب فهي إقدام الدولة على معاقبة الذين جمعوا تلك المعلومات بدلا من التحقيق في الأمر ومحاسبة الذين مارسوا الانتهاكات. وهو ما تمثل في قرار إغلاق مركز النديم بعد إصداره تقرير عن عام ٢٠١٥، وما يجعلنا لا نتفاءل بما سيترتب على إصدار تقرير عام ٢٠١٦ الذي ودعناه. ولا تسألني عن عام ٢٠١٧.