31 أكتوبر 2025
تسجيلتعد الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية في اكتساب الأبناء لقيمهم، فهي التي تحدد لأبنائها ما ينبغي أن يكون من التمسك بالأخلاق والدين والتعامل مع الآخرين، فإشباع حاجات الأبناء من قبل الأبوين يخفف إلى حد ما من درجات التناقض في التربية، فضلا عن تحقيق التماسك الأسري واستقراره، وذلك من خلال جو تكون العلاقات فيه خالية من التشاحن والخلافات خاصة بين الأبوين، فزيادة التناحر والصراع بينهما ينعكس تماما على الأطفال مباشرة ويترك آثارا نفسية مؤلمة، ويصيب الأطفال باختلال في التوازن الانفعالي والنفسي، ويهدد أمن الطفل وسلامة حاجاته للانتماء عندما يشهد هذا الصراع، ويسمع ألفاظا قاسية لا يستطيع أن يهرب من آثارها النفسية، فقد تؤدي هذه العلاقات بين الوالدين إلى أنماط من السلوك المضطرب لدى الأطفال كالغيرة والأنانية والخوف وعدم الاتزان الانفعالي،وبما أنها هي الأساس الأول لهذا البناء الإنساني والنواة في المجتمع الإسلامي الذي ينمو وينشئ ويتعدد بها.الأسرة عماد المجتمع وقاعدة الحياة الإنسانية وإنها إذا أسست على دعائم راسخة من الدين والخلق والترابط الحميم،فإنها تكون لبنة قوية في بنيان الأمة، لأن النفس البشرية عميقة وتحتاج إلى جهود كبرى لفهمها والتوصل إلى المعاملة المثالية معها،فلقد أدرك الغرب أنه تقدم كثيراً في مجال المادة والتقنية والصناعة ولكنه فشل في إدراك أسرار هذه النفس البشرية التي حار الفلاسفة على مر العصور على فهمها وإدراكها،والحياة الزوجية ارتباط بين فردين وأسرتين في أسمى رباط بشري سماه الله عز وجل باسم الميثاق الغليظ ألا يستحق هذا الميثاق الغليظ جل الاهتمام والبحث عن مواطن سعادته وبيانها لأنه يؤسس لنا المؤسسة التربوية الأولى،ألا وهي الأسرة التي تتلقى الطفل بداية بنعومة أظفاره ومنذ أن يفتح عينيه على النور، فهي الوعاء الذي تشكل داخله شخصية هذا الطفل تشكيلا فرديا سلوكيا واجتماعيا كما إنها المكان الأنسب الذي تطرح فيه أفكار الآباء والكبار ليستطيع الصغار تطبيقها على مر الأيام من خلال تنشئتهم في الحياة،فهي أول جماعة يعيش فيها ويشعر بالانتماء إليها،ويتعلم منها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته،لذلك تعد الأسرة السليمة اللبنة الأساسية في أي مجتمع، فإن التعرف على الأبعاد الأساسية السائدة داخل الأسرة يعطينا مؤشرات واضحة نحو أساليب اكتساب القيم والعادات والمحافظة على المعتقد الديني وانتقاله من الآباء إلى الأبناء، لينساب بشكل طبيعي بعيداً عن التعنت، وأنماط الضغط في التربية لاكتساب هذا المكون الأساسي، فالأسرة المتمثلة في الأبوين هي المسؤولة عن بث روح المسؤولية واحترام القيم، وتعويد الأبناء على احترام الأنظمة الاجتماعية ومعايير السلوك فضلا عن المحافظة على حقوق الآخرين واستمرارية التواصل ونبذ السلوكيات الخاطئة لدى أبنائها، مثل التعصب الذي يعده البعض اتجاها نفسيا جامدا ومشحونا وانفعاليا، وكذلك ظواهر أخرى تعد محرمة دينيا، أو التقرب منها يعد عدوانا على حقوق الغير،فإن علاقة الوالدين أحدهما بالآخر لها الأهمية الكبرى في نسق اكتساب القيم من خلال التربية، وتوافقهما يحقق للأبناء تربية نفسية سليمة خالية من العقد والمشكلات التي لا تبدو واضحة للعيان،وإنما تظهر نتائجها بشكل واضح مستقبلا، فإن لها الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي وبعث الحياة والطمأنينة في نفس المرء، فمنها يتعلم ويكتسب بعض القيم والاتجاهات، وقد ساهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس ولها يرجع الفضل في تعلم الإنسان واكتساب المهارات والقيم وقواعد الآداب والأخلاق وتبعث في الإنسان الاستقامة والهمة العالية.