14 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تأسس الاتحاد الأوروبي على نفس مؤسسات الخلافة الإسلامية؟

27 ديسمبر 2021

استعيد شخصياً بعض نضالاتنا مع المرحوم محمد مزالي من أجل "تأصيل وأخلقة التربية والتعليم في تونس"، ودفعنا ثمنه غالياً بعقود من المنافي والملاحقات والاضطهاد، كما استعيد باعتزاز بعض ما كنت طرحته في رسالة دكتوراه الدولة بالسربون تحت عنوان (الأبعاد السياسية لصحوة الإسلام)، التي أشرف عليها أستاذنا المستشرق الفرنسي الشهير (دومينيك شوفاليي)، وأعود إلى هذه الأيام (ديسمبر 2021) مع صدور كتب فكرية متميزة حول الإسلام والدولة، منها كتاب الزميل وائل حلاق أستاذ الحضارة في جامعة كولمبيا بعنوان "الدولة المستحيلة"، ونظريات الزميل أبي يعرب المرزوقي وهو المفكر التونسي المسلم الجريء وإعادة نشر كتب الراحل الكبير مالك بن نبي، الذي تعلمت منه وتتلمذت عليه دون أن ألقاه، وذلك من خلال مترجم أعماله إلى اللغة العربية المرحوم صديقي الأستاذ الطيب الشريف ابن القيروان، الذي كان يدرس في الجزائر وكذلك دراسات الزميل القطري الفاضل الطبيب د. جاسم سلطان حول الدولة والإسلام ومنعرجات التاريخ الأكبر والتاريخ الأصغر، وأتذكر الصدمة التي أصابتني حين اكتشفت أواخر السبعينيات في مكتبة (لا لاند) بالسربون (بالدور الأول لمبنى السربون التاريخي وهي مكتبة متخصصة في القانون) رسالة دكتوراه رائد القانون الدستوري العربي عبد الرزاق السنهوري المنشورة في باريس بالفرنسية عام 1928 بعنوان (كيف نجسد روح الخلافة الإسلامية في القرن العشرين)، كان الكتاب ثورة حضارية غيرت لدي كثيرا من المفاهيم والحقائق الجاهزة المعلبة، لأن عبد الرزاق السنهوري ليس شيخاً أزهرياً بل خلاصة الثقافة العلمانية السياسية الغربية وكتب رسالته تلك في نفس سنوات 1924 أيام انهيار الخلافة العثمانية بقصد تجديد روح الوحدة الإسلامية، وقرأت على هامش الرسالة تعليق أستاذه المشرف (لالاند) بالحبر البنفسجي حرفيا ما يلي: "لو يقرأ الأوروبيون رسالة السنهوري سيحققون ذات يوم حلم الاتحاد الأوروبي..."، وأنا أعتقد إلى اليوم بأكثر إيمانا أن الدولة المسلمة (لا الإسلامية) هي مستقبل المجتمع التونسي والمجتمعات العربية والمسلمة بالأغلبية، وأن الوحدة بين المسلمين هي مصير الأمة الإسلامية.. بالرغم من مؤامرات الاستعمار الصليبي المتجدد، كما يتجدد فيروس كورونا ومحولاتها وأذيال هذا الاستعمار العنصري من العرب المنسلخين المحليين، الغافلون منهم والمعادون للدين بجيناتهم ومصالحهم! فما الذي كتبه السنهوري في رسالته عام 1924؟، وماذا لفت نظر أستاذه الكبير (لالاند) حين أكد أن مقترحات السنهوري المستوحاة من الخلافة الإسلامية تصلح لمشروع اتحاد أوروبي؟. لنفهم اليوم مؤسسات الاتحاد الأوروبي يجب علينا أن نقارنها بمؤسسات الخلافة؟، فتابعوا معي أيها القراء العرب هذه التشابهات العجيبة الكاملة بين مؤسسات الخلافة المجهضة الشهيدة المظلومة من قبل أهلها الجهلة بالتاريخ وعميان الحضارة وبين مؤسسات الاتحاد الأوروبي القائمة، التي بوأت أوروبا منزلة قوة عظمى: 1) خليفة واحد منتخب لقيادة الخلافة، نجد أن الاتحاد الأوروبي ينتخب دوريا رئيساً واحداً له لتنسيق سياسات أعضائه أي خليفة الأوروبيين. 2) الخلافة لديها مجلس شورى حسب المعنى القرآني (وشاورهم في الأمر)، ثم (وأمرهم شورى بينهم)، ونجد أن للاتحاد الأوروبي مجلساً أوروبياً لتشريع سياساته وقراراته تعلو على دساتير الدول الأعضاء (المجلس الأوروبي في بروكسل يتشكل من رؤساء الدول الأعضاء أو من وزراء خارجيتهم). 3) بيت مال المسلمين في الخلافة القائم منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب يقابله في الاتحاد الأوروبي البنك المركزي الأوروبي ومقره في مدينة بون الألمانية (لا أدري لعله انتقل)، وهو الذي يقرر السياسة المالية وقيمة العملات بالنسبة لليورو، ويرأسه محافظ ينتخب من أغلبية وزراء المالية. 4) الدينار الإسلامي المشترك يقابله اليورو أي عملة واحدة لكل الدول، كما كان الحال في الخلافة الأموية والعباسية ثم العثمانية بشكل أو بآخر. 5) سنت الخلافة الإسلامية تقاليد العدل وحرية التظلم فيما كان يسمى (ديوان المظالم)، وهو المؤسسة العتيدة التي أوحت لرواد الاتحاد الأوروبي بتأسيس محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في سترازبورغ، وهي الملجأ القضائي النافذ الأخير لكل شخص معنوي أو مادي لا تنصفه محاكم دولته. نعم هذا ما تأسس في الاتحاد الأوروبي، وهو الذي يفسر حكمة الأستاذ (لا لاند) الذي كتب تلك العبارة التاريخية (لو يقرأ الشباب الأوروبي رسالة السنهوري لحققوا يوما ما اتحاد أوروبا). إننا المسلمين (نحويا مسلمين لا مسلمون لأن التمييز في النحو العربي بالنصب والكسر لا بالرفع فلا تصححوا لي أيها المصححون...!). ونفهم اليوم لماذا دمر الصليبيون وعملاؤهم خلافة الإسلام وأسسوا خلافتهم المسيحية بل ووصم العنصريون كل مسلم مؤمن بوحدة الأمة بالإرهاب!. [email protected]