19 سبتمبر 2025

تسجيل

في وداع عام

27 ديسمبر 2021

يمضي عام آخر من حياتنا بأحداثه وتطوراته، بخلافاته ومواجهاته، بما فيه من خير لهذه البشرية ومن شر، وتعلن صفارة النهاية الوهمية تلك التي فرضها علينا البابا غريغوريوس الثالث عشر حين أقر تعديلاته على التقويم الميلادي رحيل عام ومجيء آخر دون أن تلتفت عجلة التاريخ إلى هذه البدايات والنهايات التي يحددها بنو البشر، على أي حال فإن الغرب الذي سيطر تقويمه على الروزنامة البشرية تسيطر أحداثه وتداعياتها على أحداث الأعوام المتتالية، نستعرض في هذا المقال بعض أهم أحداث العام المنصرم. ابتدأ هذا العام بدخول بايدن إلى البيت الأبيض معلناً نهاية عهد الفوضى الترامبية، ولكن هذا العهد كانت نهايته خاصبة مع اقتحام مؤيدي ترامب للكونغرس، ورثت إدارة بايدن أزمات متراكمة سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية، وكان واضحاً منذ اليوم الأول أن الإدارة الجديدة ستبدأ بداية بطيئة، ولن تتوفر لها سبل تحقيق إنجازات مدوية سريعة، وعلى الرغم من القرارات التنفيذية السريعة التي عكست العديد من مثيلاتها من عهد ترامب فإن بايدن وفريقه سرعان ما وقعوا في وحل الإرث الذي تركه لهم من جهاز بيروقراطي معطل وتشريعات جدلية وسياسية خارجية أربكت العلاقة مع الحلفاء وأسالت لعاب الخصوم، اليوم ينتظر الإدارة موعد صعب نهاية العام المقبل مع الانتخابات النصفية التي يتوقع أن يفقد فيها الجمهوريون أغلبيتهم في مجلس النواب على الأقل ما سيعني شللاً تشريعياً في العامين التاليين لها. يقودنا الحديث عن إدارة بايدن إلى الملف الأفغاني، حيث فشل فريق الخارجية الذي يرأسه بلينكن في معالجة مخلفات عهد ترامب وإنقاذ الحكومة الأفغانية واستمر تقدم حركة طالبان حتى استطاعت دخول كابل مظفرةً دون إراقة الدماء، الحكومة الجديدة في أفغانستان ما زالت تتلمس طريقها نحو اعتراف دولي وإعادة بناء مؤسسات الدولة وإنقاذ الشعب من ويلات المجاعة والفقر والإرهاب، الصدمة التي أنتجتها مشاهد الهروب الجماعي من كابل على شاشات الإعلام الغربي ذكرت بهزائم الولايات المتحدة السابقة، ولكن الحركة سرعان ما انتظمت وعاد المطار إلى العمل بشكل شبه طبيعي لتنجح السياسة الخارجية القطرية في كبح جماح أزمة الانسحاب الأمريكي وينتهي الأمر بالدوحة عاصمة لدبلوماسية الملف الأفغاني. من الناحية الاقتصادية كانت أزمة سلاسل التوريد العالمية العنوان الأبرز هذا العام، بدأت الأزمة حين تسببت أزمة كوفيد - ١٩ في إغلاق العديد من المصانع وتسريح ملايين العمال عالمياً، وتباطؤ الطلب العالمي على المنتجات المختلفة، تسبب ذلك في أزمة عكسية حين تعافى الطلب العالمي ووجدت كبرى الشركات العالمية أن الموردين وشركات الشحن والنقل الذين تضرروا خلال الأزمة غير قادرين على تلبية الطلب المتزايد، هنا أطلت العولمة بوجهها القبيح حيث اعتمد أكبر المنتجين عالمياً على شركات مختلفة عبر العالم لإنتاج القطع والمواد اللازمة لمنتجاتهم النهائية، أبرز الأزمات القطاعية كانت تلك المرتبطة برقائق إلكترونية تدخل في تصنيع مختلف الإلكترونيات والسيارات، وتسببت في إرباك خطوط إنتاج رئيسية، هذه الأزمة أثارت جدلاً حول الإدمان العالمي على الصين والمنتجين الصغار وإمكانية أن تتسبب أزمات قادمة في شلل عالمي في الإنتاج. وأخيراً وليس آخراً بدأ العام بتفاؤل عالمي حيال توفر اللقاحات التي أثبتت فاعليتها في مواجهة فيروس كورونا وانتهى بقلق متزايد من متحور جديد أعاد العالم سريعاً إلى موجات الإغلاق والأرقام الفلكية من المصابين، ولكن التفاؤل يتجدد مع الإعلان عن دراسات مبشرة حول عدد من العقاقير التي متى دخلت مجال الاستخدام الواسع قد تحول هذا المرض الذي وقعت البشرية رهينة له إلى إنفلونزا موسمية عادية. عام جديد يقبل بينما يدبر آخر ولا ينفك هذا العالم عن اختراع أزمات جديدة وصراعات مختلفة تفاقم آلام البشر ويرتفع معها أنين الضحايا، ولكن في هذا العالم من الأمل والخير ما يجعل الحياة تستمر وأحلامنا تنمو. أكاديمي قطري [email protected]