19 سبتمبر 2025

تسجيل

مارد برأسين: الاتفاق الصيني الروسي

21 فبراير 2022

منذ نهايات الحرب العالمية الثانية ونجاح ماو تسي تونج في تأسيس نظام حكم شيوعي في الصين ظلت العلاقات مع موسكو في مد وجزر مستمر، ستالين لم يكن من المؤمنين بماو وعامله باحتقار، في الحرب الكورية كان رفض ستالين إنهاء الحرب سبباً في تضحية كان حجمها قرابة مليون قتيل في حرب كانت هدفها من وجهة نظر موسكو إبقاء الولايات المتحدة منشغلة في شبه الجزيرة الكورية عن مواجهة موسكو في الغرب، على الرغم من التطور الإيجابي في العلاقة بعد تولي خروتشوف إلا أن التوتر عاد سريعاً مع تطور الخلافات حول مختلف القضايا الدولية، وبعد وفاة ماو والانقلاب الجزئي على نظامه من بعده زادت البون اتساعاً، وكان سقوط الاتحاد السوفييتي هو المسمار الأخير في العلاقة بين البلدين ولم يعد بعدها من سبب يدفع لتحالف بين الطرفين، استمر الوضع على هذه الحال مع توافق أحياناً حين يتعلق الأمر بمواجهة الغرب. مع تسارع الانسحابية الأمريكية ظهر تساؤل جديد، هل يمكن أن يزيح الروس والصينيون خلافاتهم لتحقيق هدف مشترك وهو إنهاء الاحتكار الأمريكي للنظام الدولي؟ لسنوات عديدة كان يبدو أن تحالفاً بين الطرفين بعيد المنال، لكن الاتفاق الذي وقع مؤخراً بين رئيسي البلدين مثل نقلة استراتيجية في العلاقة، في وثيقة ضخمة وطويلة الأمد توافق الطرفان على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها معاً، أكدت الصين دعمها لروسيا اقتصادياً في مواجهة عقوبات غربية محتملة وأكدت روسيا دعمها لأطروحة الصين الموحدة التي تؤكد على سيادة الصين على تايوان، الوثيقة ضمت تفصيلاً لتطوير العلاقات الأمنية والعسكرية واتفاقات مهمة حيال الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة، بشكل عام يمكن لقارئ الوثيقة القول أنها تمثل انطلاقاً لمارد ثنائي الرأس يمكنه مواجهة الرجل الأمريكي المريض. على الرغم مما تضمنته الوثيقة إلا أنها ليست بعيدة من وثائق سابقة وقعت من قبل البلدين، هذه الوثائق كذبتها الخلافات بين البلدين، اليوم هذا الاتفاق في ظل الأزمة الأوكرانية وأزمة هونج كونج والتهديدات الصينية لتايوان يشكل أرضية لمواجهة شاملة شرقية غربية، وفي حال صمدت الاتفاقية على الأرض وحدثت المواجهة في أوكرانيا فلا يستبعد أن تكون سبباً في تعزيز رغبة الصين في التصعيد ورغبة روسيا في التمادي، هذه الاتفاقية تمثل الكابوس الأخطر بالنسبة لواشنطن، وسياسة التفريق بين الطرفين التي حاولت إدارة بايدن توظيفها فشلت فشلاً ذريعاً، مع بداية المناوشات في أوكرانيا عند كتابة هذا المقال أصبح هذا التحالف الآن العنوان الأبرز لتراجع الولايات المتحدة والتحول نحو عالم متعدد الأقطاب. أكاديمي قطري [email protected]