15 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتحار الذاتي للإخوان المسلمين (4)

27 ديسمبر 2015

يواجه الإخوان المسلمين حاليا محنتين، الأولى داخلية والثانية خارجية، ولا شك أن المحنة الخارجية شديدة وقوية وعاصفة، اصطف فيها مصريون وعرب إلى جانب الكيان الإسرائيلي وأمريكا والغرب على صعيد واحد من أجل تحطيم الجماعة الإسلامية الأقوى على الساحتين العربية والإسلامية. وقد كشفت التسريبات الصوتية عن المؤامرة التي دبرها العسكر ضد الجماعة وقادتها، وكشف تسريب مرئي عن اجتماع لقادة الجيش برئاسة الانقلابي عبد الفتاح السيسي قبل 6 أشهر من انقلاب 3 يوليو 2013 عن الإعداد للإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وكيف أنه لا يجوز أن يسلم الجيش البلد "لرئيس لا يعرفه"، وعضد الفريق أحمد شفيق في اعترافات شخصية بثت بصوته عن خيوط المؤامرة ومن حاكها.لقد كانت المؤامرة الداخلية المصرية ضد الإخوان المسلمين كبيرة، فقد تحالف جنرالات الجيش ورجال أعمال وإعلاميون وقضاة فاسدون وجنود "الدولة العميقة" والكنيسة والأزهر وسلفيو حزب النور وبعض المنشقين عن الإخوان مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وأتباع من اليسار والقوميين وكل الليبراليين وكل النخبة المصرية تقريبا من كتاب وشعراء وممثلين ومن ضمنهم عبد الرحمن القرضاوي للإطاحة بأول رئيس من الإخوان في تاريخ الحركة وتاريخ مصر.هؤلاء جميعهم تحالفوا من أجل القضاء على الإخوان المسلمين، بوعي أو من دون وعي، فقد اعترف محمد البرادعي ونجيب ساويرس والممثل حسين فهمي، أنهم قادوا حملات في الغرب من أجل الانقلاب على الرئيس "الإخواني"، وأنهم زاروا الدول الغربية خاصة أمريكا من أجل إنضاج الحل الانقلابي ضد الإخوان المسلمين وثورة يناير.هذا التكتل الخطير عمل بجد ونشاط على كل الأصعدة، إلى جانب الدولة العميقة التي كانت تعمل على تعطيل الحياة في مصر، من أجل "تكفير" المصريين بالثورة والثوار والحكم الديمقراطي والرئيس المنتخب، وصكوا مصطلح "الأخونة" الذي صار يطلق على كل شيء، وتحول مصطلح "أخونة الدولة" إلى عملة رائجة في كل وسائل الإعلام التي يديرها عباس كامل، مدير مكتب السيسي، ونشطت هذه الوسائل بتنظيم "حفلات الردح" والتزييف، وقام باسم يوسف بتحويل الرئيس مرسي إلى "أراجوز" يسخر منه عند كل حركة.هذا العداء للإخوان المسلمين في مصر لم يأت من فراغ، فقد تربى الجيش المصري على أن "الإخوان المسلمين" هم العدو، وتحول هذا العداء إلى "عقيدة ودين" لدى المؤسسة العسكرية، وأخذ الجنرالات يشحنون الجنود بهذا العداء منقطع النظير.وفي الوقت الذي كانت فيه المؤسسة العسكرية تحفر عميقا في مستنقعات العداء للإخوان، كانت الأموال تتدفق من أجل "تشويه" صورة الإخوان المسلمين لدى فئات المجتمع المصري، ونجحوا في قلب فئات معتبرة من الشعب ضد الإخوان المسلمين، رغم أن الإخوان كانوا هم الرافعة الأساسية في مصر لتقديم المساعدات للفقراء، ولكن الجهل لا منطق له، واستخدم العسكر ودولة الفاسدين العميقة حيل التزييف والتزوير من أجل صناعة حشود مزيفة ضد الإخوان، كما فعل المخرج خالد يوسف عندما زور عبر حيل إخراجية عدد الناس الذين خرجوا ضد الإخوان المسلمين، وقد اعترف نجيب ساويرس أنه تمكن من إنزال 3 ملايين من المسيحيين، وأظهرهم خالد يوسف على أنهم ملايين علما أن الصور الحقيقية أثبتت أنهم بضعة آلاف لا أكثر، وقد ظهر جزء من هذه الفضيحة عندما هدد المخرج خالد يوسف بالقول "الأصلي لا يزال في جيبي" بعد أن تعرض لهجوم من أحد إعلاميي السيسي وبث له شريطا فاضحا.هذه هي البيئة المصرية الداخلية التي أحاطت بالإخوان المسلمين قبل الإطاحة بأول رئيس من الإخوان المسلمين يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.