11 سبتمبر 2025
تسجيلهل حصل أن استقبلك صديق وأنت تقرع بابه بخرطوم من الماء فبلل أناقتك وهدر «سيشوار» شعرك فشعرت للحظات بالدهشة والعصبية ثمّ ضحكت كالأطفال وقبلت الأمر وأنت تتوعده على أمل أن ترُدّ له الموقف أثناء زيارته يوما لك؟! هذا تماما ما يحصل عندما تفتح دفتيّ كتاب «الغذامي» فتشعر برطوبة الماء على أناقة لغتك «تُخربط» رتابتها وتُعيدك إلى النظر بأشياء بدهية تعرفها ولكنك لم تتطرق لها من قبل تشعر بوجودها ولكن كمن اعتاد على فتح أبواب بيته في الظلام أو قيادة سيارته في المسالك الوعرة. الدكتور عبدالله الغذامي الحائز على جائزة سلطان العويس للنقد أديب أدّب اللغة وأنسنها، ناقد خلع عباءته بهدوء شديد في حرّ الصحارى ليقول بجرأة واثقة وثقة جريئة أن اللغة الإنسانية هي ملك لمبتكرها ذكرا كان أم أنثى. في كتابه «المرأة واللغة» يطلق صوتا ينبش الذاكرة الإنسانية ويُعيدنا الى آلام مخبوءة في قلاع ذات أبواب عديدة، ما أن تلج بابا حتى يُطالعك آخر يقودك إلى سرداب جديد، ولكنها القلعة التي تساوم فتُسلّم. لقد سلّمت بعد أن مهّدت لذلك أديباتنا اللواتي سبقننا وقد ألقى الغذامي عليهن ضوءاً من احتمالات التفاسير العديدة مما يُثير الشجن والفرح وهو المطّلع فيما يبدو على الآداب الأجنبية والأديبات اللواتي كتبن كثيراً في موضوع «النسوية والجندر»، كما وأهدى الكاتبة الجديدة أنموذجاً لمفتاح سرّي تستخدمه لتدخل به قلعة اللغة، غير أن هذا المفتاح لا يُصبّ ولا يُنتج إلاّ في الذاكرة الإنسانية، أو لم تبتكر المرأة - أو على الأقل تُشارك في - صناعة اللغة منذ اللحظة التي وضعت وليدها وراحت تُناغيه بأصوات من قلبها وتُناجيه بابتكار من حنينها فكيف تُحرم من هذه المساهمة التراكمية الحضارية للغة والقلم فيما بعد؟!