21 سبتمبر 2025
تسجيلبعد عام هجري مضى بكل سلبياته الكثيرة وإيجابياته القليلة، ها هو عام هجري جديد يطل على عالمنا الإسلامي، هذا العالم الذي يعيش مرحلة من أسوأ مراحل تاريخه المليء بالأمجاد والهزائم، كما هو شأن تاريخ كل الأمم والشعوب، لكننا في عالمنا الإسلامي نعيش حالة من التشرذم والشتات ندركها وندرك أخطارها، ولكننا لا نعمل على تجاوزها، لغياب الرغبة نتيجة سيطرة اليأس والقلق من مستقبل تتحكم فيه قوى كبرى وضعت هدف إضعاف العرب والمسلمين.. فوق كل هدف، وغاية تهميش دورهم في صناعة حاضر العالم ومستقبله.. فوق كل غاية، كل ذلك والمسلمون منشغلون بخلافاتهم، ما بين شعوب سيطرت عليها الخلافات المذهبية والطائفية، وحكام سيطرت عليهم النرجسية، والحرص على مراكزهم أكثر من الحرص على شعوبهم، وفي ظل هذا التنافر بين الشعوب وحكامها برزت مشاكل الفساد المالي والإداري، والمحسوبيات، والتفرد بالقرار، وغياب الشورى، وكل ذلك أفرز عددا من المعضلات المستعصية والأمراض الاجتماعية الحادة، ومنها البطالة والفقر والجهل، والممارسات الاجتماعية الخاطئة. وإذا كان رجال الدين في مراحل مختلفة من تاريخ الأمة الإسلامية هم حملة مشاعل التنوير، وفي الصفوف الأولى في صراع الأمة مع أعدائها، وفي الوقوف في وجه أي حاكم ظالم وأي حكم غاشم، فقد أصبحوا في هذا الزمان هم الناطق الرسمي باسم حكامهم، حفاظا على أنفسهم من ناحية، ورغبة في المزيد من المكاسب من ناحية أخرى، وأمة هذه حالها كيف يمكن أن تقود سفينة واقعها إلى شواطئ التحضر، وموانئ التمدن، ومرافئ الإصلاح والازدهار، بعد أن آل الإصلاح إلى أيد تسيء استخدامه، وتفرغه من محتواه ليتحول إلى وسيلة جمود، وأداة تمسك بسلبيات الماضي ومعوقاته، في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني التي تحاسب المقصر على تقصيره، بقدر ما تعطي للمحسن حقه من المساندة والدعم لتحقيق المزيد من الإبداع والتفوق، ليكون الجزاء من جنس العمل، بدل أن يصعد المقصر على أكتاف المجيدين ويسرق ليس جهدهم فقط، بل وأحلامهم في مواصلة رحلة الإبداع والتفوق. كل هذه المعطيات أفرزت هذه الثورات التي لم تتمخض عما يطمئن المسلمين في كل ديارهم على حاضر مشرق ومستقبل أكثر إشراقا وازدهارا وتقدما، وهذه غاية كل حراك سياسي يؤدي إلى ثورة شعبية تودي بالأنظمة الفاسدة التي أذاقت شعوبها الأمرين، وهي ثورات غالية الثمن، أدت في معظمها إلى سفك الدماء وانهيار الاقتصاد، وتدمير معالم البنية التحتية، وهروب الاستثمارات الأجنبية، وتقلص السياحة، التي تشكل في بعض البلدان نسبة عالية من مصادرها المالية، وفي ظل الفوضى التي تخلفها أي ثورة، يبرز غول التدخل الأجنبي، ليستثمر هذه الأوضاع في تحقيق المزيد من المكاسب، واستغلال ثروات هذه الشعوب والتلاعب بمقدراتها الاقتصادية والسياسية. في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم لواقع المسلمين، يبقى الأمل قائما في الله ثم في المخلصين من أبناء هذه الأمة، الذين نذروا أنفسهم لخدمة دينهم وأمتهم وأوطانهم ومواطنيهم، للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الأمة، وتعاني منه في واقعها، ولمواجهة ما قد يحمله لها المستقبل من مفاجآت على أيدي أعدائها ومن يتربصون بها الدوائر حتى من أبنائها، الذين تسلطوا على غيرهم من المسلمين، ليغذوا الخلافات، وليزرعوا الفتن، وليساعدوا أعداء الأمة بقصد أو دون قصد على تنفيذ مخططاتهم العدوانية ضد العرب والمسلمين، وعلى أجنحة الأمل تحلق تطلعات الأمة إلى عالم مشرق، يحمل الخير للمسلمين والعالم، وكل عام وأنتم بخير. [email protected]