15 سبتمبر 2025
تسجيلهل سأل كل منا نفسه: ما حدود طاقتي؟ وما مدى قدراتي على توفير الرعاية لمن حولي؟، لماذا أحاول الإلمام بكل ما يحتاجون إليه على حساب إنهاك نفسي وتحميلها ما لا تطيق من الجهد والتفكير والأرق والقلق؟. لا بُدَّ أن نعلم أنه لا يمكننا تحقيق كل شيء، وأننا لا نملك قوة خارقة لنحقق لأولادنا كل ما يريدون، ولكننا نستعين بالله أولاً ثم نسدد ونقارب. • لذلك يجب أن يعلم كل مَن ينتظر دعمك ورعايتك أن لك طاقة ولديك سقفًا معينًا لا يمكن لنفسك رفعه أكثر من طاقتها ووسعها، كما قال تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا» (البقرة: 286). فالله، سبحانه وتعالى، خلقنا ويعلم مدى قدرتنا ومقدار تحملنا؛ لذا لم يكلفنا ربنا ما لا نطيق من الفرائض والعبادات، بل جعلها يسيرة سهلة يستطيع أن يؤديها كل إنسان عادي، بل ويقدر على الأصعب منها، ولكن جُعلت الفرائض يسيرة حتى يطبقها الجميع، ومن زاد في العبادة فله أجور مضاعفة. • فالشريعة الغراء قد راعت حال المكلفين وقدرتهم على أداء الحقوق والالتزامات، فليس في ديننا مشقة، لا في العقيدة ولا في العمل. وزِدْ على ذلك أنه إذا تعرض المسلم في حياته لظروف خاصة أو طارئة أو صعبة، فإن الشريعة تضع له الرخص فتسهل عليه ما يصعب عليه من العبادات. فعندما نرى كل هذا اليُسر في الدين ثم نكلف أنفسنا في أمور الحياة العامة، فهذا لا شك ضرب من ضروب الخلل الذي يُنهك النفوس والأجساد في دنيا هي في النهاية إلى فناء، فعلامَ التنافس والصراعات وتحميل النفس ما لا تطيق من العمل أحيانًا ومن التصنع أحيانًا ومن محاولة الوصول إلى الكمال والتمام في شتى جوانب حياتنا الأسرية والاجتماعية؟. • يجب أن نعلم أن تحميل النفس فوق طاقتها البشرية فيه هلاكها وتدميرها ولن تقدر على العطاء أو التحمل؛ لأن كل شيء تُحمِّله فوق طاقته فإنك تكاد تخسره أو تصل إلى خسارته حقيقةً، والنفس تحت الضغط تنفجر في بعض الأحيان إذا حمَّلناها فوق طاقتها أشكالًا وألوانًا. • هوّن على نفسك: فليهوِّن كل شخص في موضع المسؤولية، سواء في العمل أو البيت، على نفسه الدنيا ولا يتحامل على نفسه ويزيد الضغوط عليها؛ فالنفوس خُلقت رقيقة يسهل كسرها، شأنها شأن كل شيء في الوجود له طاقة تحمُّل محدودة، فالنفس زجاج رقيق إذا بالغت في الضغط عليه أكثر من طاقته على الاحتمال ينكسر ولا يرجع كما كان. • نصيحة: فنصيحتي لنفسي أولاً ثم لكل من حولي وكل مسلم حريص على الراحة والسكينة في حياته له قدرة وطاقة أن يعمل على قدرها ويعطي ويبذل ويجتهد في دروب الحياة على قدر استطاعته وإمكاناته وأن يستعين بالله أولاً ثم القيام بالحقوق والواجبات حسب المستطاع.. فبذلك تحلو الحياة وتنشط النفس. فمعنى قول الله تبارك وتعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ـ أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته، فالله لم يكلف عباده إلا ما يستطيعون، كما قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{البقرة:185}. فواجب المسلم أن يوازن بين الحقوق المترتبة عليه، فيعطي لكل ذي حق حقه دون إفراط ولا تفريط، وأن النفس لها حق على صاحبها. • باختصار: لنفسك طاقة محدودة فلا تكلفها فوق طاقتها.. وارحم نفسك. •دعاء: نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا على أداء الحقوق والواجبات والأمانات، وأن يرزقنا وإياكم القدرة على التحمل والعطاء في مشوار حياتنا وأن يمدنا وإياكم بالصحة والعافية والسلامة وطول العمر على طاعة الله وحسن العمل حتى حسن الختام.. اللهم آمين.