27 سبتمبر 2025

تسجيل

تحليل المواقف القطرية والخطاب الأميري

27 سبتمبر 2022

حللت العديد من وسائل الإعلام العالمية خطاب حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين بصورة أمينة وموضوعية فتناولت كل منها جانبا من جوانب الدبلوماسية القطرية بالتعليق وبصراحة تحلت جميعها بالمهنية وتأكيد الحقائق، ومن بين هذه الوسائل الإعلامية الكبرى تقرير نشرته المجلة الأمريكية (ناشيونال انترست) المقربة من أوساط الإدارة الأمريكية حيث أكدت أن خــطــاب صــاحــب الـسـمـو وتــصــريــحــاتــه الـصـحـفـيـة الأخـــيـــرة تـعـد تـــأكـــيـــدا عـــلـــى أهــــم عناصر السياسة الـخـارجـيـة الـقـطـريـة الـقـائـمـة عـلـى الـدعـوة لـلـحـوار وتـجـنـب الــصــراعــات والــحــروب. وأبرز التقرير أن قطر برزت كمركز للحوار والـوسـاطـة وتـقـدم نـمـوذجا مثيرا للإعجاب في منطقة كثيرة الاضطرابات. وأشـــار الـتـقـريـر إلــى أن الـعـالـم يـمـكـن أن يحقق الاسـتـفـادة مـن رغـبـة قـطـر فـي لعب دور المحاور العالمي كبديل لاستخدام القوة والدبلوماسية القسرية. وفيما يخص أمن الطاقة تبدي الدوحة استعدادها لمساعدة أوروبـا وستقوم بتصدير الغاز إلى أوروبا في السنوات القادمة. وقــال الـتـقـريـر إن خـطـاب صـاحـب السمو وتصريحاته الصحفية تمثل تذكيرا مهما وفي الوقت المناسب، كيف يمكن لدولة قطر أن تكون ذات مكانة مهمة في شبه الجزيرة الـعـربـيـة وأن تـــوازن الـعـلاقـات مـع الـقـوى الـعـالمـيـة. وبــين الـتـقـريـر أن خـطـاب سمو الأمير يمثل شرحا لمجموعة من القضايا المهمة في المنطقة والعالم. كما يعد خطاب سمو الأمـيـر نـظـرة ثاقبة لـواحـد مـن أكثر قــــادة الــشــرق الأوســــط أهــمــيــة فــي وقــت الاضطرابات الإقليمية والتوترات العالمية المتصاعدة والمنافسة بين القوى العظمى. وشــــدد الــتــقــريــر عــلــى أن قــطــر تــتــجــاوز الــتــركــيــز عــلــى الــثــروة المـــالـــيـــة والاقـــتـــصـــاديـــة إلــــى مــمــارســة سياسة خارجية تتجنب الصراع لصالح الـحـوار مما يجعل قطر تـبـرز فـي المنطقة المـضـطـربـة كعامل سلام وأمن. وفـيـمـا يـخـص أول انـتـخـابـات مـجـلـس شــورى منتخب فـي الــدوحــة عـام 2021، علق سمو الأمير على هـذا التوجه لـلـدولـة «لا نـسـعـى إلــى الـتـنـافـس مــع أي شخص أو تقليده، بـل نسعى إلـى إيجاد مـكـانـة خــاصــة بــنــا» مــن خــلال «الالــتــزام بالحوار كبديل للحروب». وفي إشارة إلى دور قـطـر الأســاســي فـي أفـغـانـسـتـان، أكـد سمو الأمير توجه الدوحة «كمركز للحوار والحل السلمي للنزاعات" وأبـــرز الـتـقـريـر أن الـسـيـاسـة الـخـارجـيـة لــلــدوحــة تــهــدف إلــى جـمـع وجــهــات نظر ومـسـاعـدة جـمـيـع الأطــراف المختلفة مـع التي تحتاج إليها حيث لعبت الدوحة دور الميسر للوفاق بالتفاوض في المنطقة وخارجها. وفي الوقت الـــذي تتـعـامـل فـيـه الـكـثـيـر مــن الـــدول مع الشؤون الدولية على أنها لعبة محصلتها صـفـر، تـقـدم قـطـر رؤيتها بـشـكـل مـثـيـر لـلإعـجـاب. وقــدم صـاحـب السمو بـديـلا عن الصدام نـمـوذجا سلميا يقر بأن العالم بحاجة إلى الحوار لحل مشاكله وأفضل مثال حديث هو ما فعلته الدوحة فـي أفـغـانـسـتـان، عندما طلب الأمريكيون المــســاعــدة لإقــامــة اتــصــالات مــع الأفــغــان لإيجاد حل سلمي للحرب قامت قطر بلعب دور الــوســيــط وســاهــمــت فــي حــل الأزمــة الـتـي استغرقت سـنـوات طويلة وسـاعـدت فـي عمليات الاخــلاء للمواطنين الأجـانـب والأفغان الراغبين في الخروج من البلاد وفـــي هـــذا الـــصـــدد قـــال الــنــائــب سـكـوت تـايـلـور (جـمـهـوري مـن ولايــة فـرجـيـنـيـا)، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية، فـي عـام 2021،أن قـطـر أنـقـذت أمـريـكـا في أفــغــانــســتــان مــن خـــلال قــيــادتــهــا لإجــلاء 124000 أمـريـكـي وأفــغــانــي ورعــايــا دول أخـــرى. مـنـذ نـقـل الـسـفـارة الأمـريـكـيـة من كـــابـــول إلـــى الـــدوحـــة، نــفــذت الـسـلـطـات الأمريكية عمليات لمكافحة الإرهــاب حيث نجحت بشكل فعال في إدارة انسحاب قواتها بمساعدة قطرية ناجعة، وأشـــار الـتـقـريـر إلــى أن مــوقــف قـطـر مـن المـنـافـسـة الأخــيــرة بــين الــقــوى الـعـظـمـى، والـتـي أدت إلـى زيــادة الـقـلـق الـعـالمـي، أكـد ســمــو الأمـــيـــر: «لا نــريــد أن نـــرى الـعـالـم بين قوتين عظميين فسيكون ذلك الاستقطاب فـي غاية الـخـطـورة.. بلدنا حليف رئيسي للولايات المتحدة والغرب بشكل عام، لكن المستورد الرئيسي للغاز الطبيعي المسال هــو الــصــين. لا يـسـعـنـا إلا أن نــلاحــظ أن هناك اختلافات كبيرة بينهما، لكننا نأمل أن يـتـم حـل الـتـوتـرات مـن خــلال الـوسـائـل الدبلوماسية والسلم". وفيما يتعلق بـالارتـفـاع الكبير فـي أسعار الــغــاز الـعـالمـيـة الـنـاتـجـة عــن حــرب أوكــرانــيــا، تـعـمـل قـطـر عـلـى مـسـاعـدة أوروبـا وستقوم بتصدير الغاز إلى أوروبا في السنوات القادمة. لكن ليس صحيحا أنــه يـمـكـن اســتــبــدال الــغــاز الــروســي لأنـه ضـروري للسوق العالمية. وتنظر قطر إلى النقطة الأكثر أهمية وهي أن الجميع يعاني من أزمـة الحرب في أوكرانيا، سـواء كان ذلك على مستوى الطاقة أو توفير الغذاء لهذا الـسـبـب تـدعـو قـطـر إلى إنهاء الـحـرب في أوكرانيا. كـمـا أوضــح الـتـقـريـر، أن مـوقـف قـطـر من الــصــراع الإسـرائـيـلـي الـفـلـسـطـيـنـي ثـابـت يـدعـو إلــى الـسـلام ويـؤكـد الــتــزام الـدوحـة طــويــل الأمــــد بــحــل الــدولــتــين. وأن قـطـر اسـتـخـدمـت ثـروتـهـا ونـفـوذهـا مـنـذ فـتـرة طويلة لمساعدة قطاع غزة والضفة الغربية واحـتـواء الأعـمـال العدائية فـي واحــدة من أخطر بؤر العنف في المنطقة وأكثر المناطق الساخنة تهديدا بالانفجار وهو أمر يستحق الثناء. وأكد الـتـقـريـر أن تـصـريـحـات الأمير جاءت فــي الــوقــت المـنـاسـب وتـعـد تـذكـيـرا بــأهــمــيــة الـــحـــوار والـــدعـــوة إلى الــســلام ومـوازنـة الـعـلاقـات مـع الـقـوى العالمية من خـلال رفـض الأسـالـيـب الأحـاديـة واعتماد الشرعية والقانون الدولي لمعالجة الأزمات ثم استخلصت المجلة العبرة الأساسية من خطاب صاحب السمو وهي أنه يــمــكــن للعالم الاسـتفادة مــن رغــبــة قـطـر فــي لـعـب دور المـحـاور الـعـالمـي كـبـديـل لاسـتـخـدام الـقـوة القسرية.