19 سبتمبر 2025

تسجيل

تحدي اللحظة الثورية بين تونس والسودان

27 سبتمبر 2021

في كل من تونس والسودان اندلعت الاضطرابات مع نهاية الآجال المتوقعة لعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها، في السودان تنتهي المدة الانتقالية التي وعد العسكر بعدها بتسليم السلطة عبر الآليات الدستورية، وفي تونس تنتهي المدة التي وضعها قيس سعيد لنفسه لعودة الحياة البرلمانية، في كلتا الحالتين تفاقمت الأزمة سريعاً وتحرك الشارع، فهل ينجح الشارع في تحدي اللحظة الثورية الثانية؟ تقليدياً، يتلاشى الحراك الثوري بطبيعته بعد تحقق التغيير بغض النظر عن شكله، تنتاب الثوار السابقين حالة من السلبية نتيجة الإحباط من فشل الثورات في تحقيق الأحلام الطوبائية التي قامت من أجلها، لذلك في كثير من الأحيان تنتكس الأنظمة الثورية وتنتج أنظمة أكثر شمولية واستبداداً من سابقاتها، إرهاصات ذلك عبر تجاوز المدة الانتقالية في السودان وتمديد الإجراءات الاستثنائية في تونس لم تواجه في البداية ردة فعل قوية ولكن الأيام الأخيرة كشفت عن تجدد حراك الشارع الثوري عبر المظاهرات أمام المسرح البلدي في تونس العاصمة والاعتصامات في مقار لجنة إزالة التمكين في السودان. مع ما ذكرناه من التشابه بين الحالتين من المهم كذلك تأكيد أنه قياس مع الفارق، تونس عاشت عشرية صعبة بعد الثورة تعاقبت فيها حكومات برلمانية ولكنها لم تحقق الاستقرار أو الازدهار كما يطالب التوانسة بل مزقتها الخلافات السياسية والتدخلات الخارجية، أما السودان حديث العهد بالثورة فخرج من حكم عسكري لحكم عسكري آخر، وكما جرت العادة قرر العسكر النكوص عن وعودهم بمرحلة انتقالية محدودة زمنياً، وجاءت أحداث ما سمي محاولة انقلابية جديدة لتوظف تبريراً لاستمرار الهيمنة العسكرية التي كان آخر تجلياتها سحب قوات الحماية من مقرات لجنة إزالة التمكين المكلفة باسترداد المال العام المنهوب وتطهير البلاد من جيوب النظام السابق، واستجاب الشارع بالاعتصام في المقرات ورفع الهتافات المطالبة بفسخ الشراكة المدنية العسكرية. هاتان اللحظتان الثوريتان يميزهما غياب الأيديولوجيا، في تونس على الرغم من كون النهضة الخصم الرئيسي للرئيس وإجراءاته إلا أن المظاهرات لم تمثل الحركة بل على العكس شهد اليوم السابق لها استقالة ١٠٠ قيادي من الحزب احتجاجاً على تعامل قيادته مع الأزمة، وفي السودان لا المحتج ولا المحتج عليه يحمل غطاءً أيديولوجياً بل على العكس الطرفان يعملون على إقصاء أصحاب الخطاب الأيديولوجي سواء الإسلاميين ممثلين بالبشير وبقايا حكمه أو اليساريين ممثلين بحمدوك وحكومته. الوضع في تونس والسودان يمثل استمراراً للمشهد الثوري وقد يتضمن موجات اضطراب متلاحقة أو حالات هدوء مؤقتة، ولكن ما لا شك فيه هو أن المسير نحو الوراء صار أصعب بالنسبة لكل من يريد ذلك، الانقلاب على الثورة ليس بالسهولة التي كان عليها في أواسط القرن الماضي، التغيير أصبح السمة الثابتة في عالمنا السياسي اليوم. أكاديمي قطري [email protected]