01 نوفمبر 2025

تسجيل

روسيا والصين والأزمة المصرية

27 سبتمبر 2013

رغم محاولة التقارب التي بذلها الرئيس محمد مرسي مع روسيا خلال الزيارة التي قام بها ضمن جولة لعدد من الدول الصاعدة في العالم خلال العام الجاري، إلا أن مصلحة الدولة الروسية التي قدرتها في ضرورة الاستفادة من تطورات الأوضاع التي نتجت عن الانقلاب العسكري ضد نظام مرسي، دفعت موسكو إلى محاولة التقارب مع النظام الجديد من أجل استخدام مصر كورقة في صراعها مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة فيما يتعلق بملفين أساسيين في منطقة الشرق الأوسط هما ملف الأزمة السورية وكذلك ملف الأزمة النووية الإيرانية. فقد أعلنت موسكو مبكرا دعمها للانقلاب العسكري من خلال الدعوة إلى حل الأزمة المصرية بالطرق السلمية والسير نحو خريطة الطريقة التي أعلن عنها الجيش وهو ما يعني الموافقة على نتائج الانقلاب وعزل الرئيس مرسي. ورغم أن المحادثات التي جرت مؤخرا بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري أسفرت عن تحييد أي دور لروسيا في الأزمة المصرية وتأجيل غير معلن لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر، وكذلك عرقلة إتمام صفقة أسلحة روسية إلى مصر تشمل 50 طائرة متطورة بدلا من الطائرات الأمريكية F16 التي تقرر عدم تسليمها إلى مصر في الوقت الحاضر.. رغم ذلك إلا أن روسيا استمرت في محاولتها استخدام الورقة المصرية للتأثير على تطورات الأحداث في الأزمة السورية وقد تمثل ذلك في تراجع الولايات المتحدة عن توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد المواطنين، والقبول بالمبادرة الروسية المتمثلة في قيام نظام الأسد بتسليم المخزون السوري من تلك الأسلحة لتدميره تحت إشراف الأمم المتحدة. بطبيعة الحال ما كانت موسكو لتستطيع فرض إرادتها على الغرب في حال استمر نظام الرئيس مرسي الداعم للثورة السورية، بعكس قادة الانقلاب العسكري الذين أعلنوا منذ اليوم الأول وقوفهم إلى جوار الأسد أي نفس الموقف الروسي. أما الصين فهي كعادتها في تلك الأزمات تعلم على اتخاذ موقف حيادي يحافظ على مصالحها الاقتصادية، كما حدث طوال الأعوام الثلاثة الماضية منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، حيث تريد حكومة بكين إلا تظهر بمظهر القوة الاستعمارية التي تسعى لفرض إرادتها على شعوب العالم كما تفعل الولايات المتحدة ودول الغرب. هي فقط تهتم باستمرار علاقاتها الاقتصادية بدول العالم المختلفة، خاصة أن الرئيس محمد مرسي استطاع أن ينسج علاقات اقتصادية وعسكرية قوية مع بكين، كانت تأمل من خلالها أن تتحول إلى قوة منافسة للولايات المتحدة في هذه المنطقة الحيوية من العالم. ورغم تأثر الصين اقتصاديا بتطورات الأحداث في مصر والذي تمثل في توقف كثير من المصانع والشركات الصينية في مصر عن العمل وخروج الجزء الأكبر من العمالة الصينية من السوق المصري، إلا أن الموقف الصيني لم يتغير نحو دعم الانقلاب العسكري كما فعلت روسيا، حيث دعت الخارجية الصينية إلى ضرورة حل الأزمة المصرية وعدم إقصاء أي من أطراف اللعبة السياسية. مما سبق نفهم أنه رغم الأهمية التي يعولها الانقلاب العسكري على روسيا في تحقيق قدر أكبر من الاعتراف الدولي به، إلا أن روسيا تتعامل مع الأزمة المصرية كورقة تستخدمها لتحقيق انتصار في مواقع وأزمات أخرى خاصة الأزمة السورية. ذلك أن روسيا لا تقدم دعما كاملا أو دائما للدول المتحالفة معها إلا بالقدر الذي يحقق مصالحها. أما الموقف الصيني فما زال يحافظ على الحيادية في إطار سياستها الاهتمام بمصالحها الاقتصادية وكذلك خوفا من الإقدام على خطوة دعم الانقلاب قبل تثبيت أركانه الذي تراجع كثيرا في ظل الصمود الكبير من أنصار الرئيس مرسي. ورغم المحاولات الأمريكية المستمرة لمنع أي تدخل من قوى دولية أخرى في الأزمة المصرية من أجل استمرار هيمنتها على المشهد السياسي، إلا أن الأحداث أثبتت أن هناك طرفا وحيدا يملك أدوات الحل السياسي في مصر هي جماعة الإخوان المسلمين والمتظاهرين في الشوارع.