20 سبتمبر 2025
تسجيلقطر حاضر مشرق وتاريخ موغل في القدم،عمرها من عمر أولى الحضارات الإنسانية، وشهد على ذلك الحفريات والاكتشافات الأثرية ورؤوس الرماح ومجموعة الفخاريات ذات الصنع المتقن التي تم العثورعليها في عدة مناطق من قطر، وترجع لحقبات زمنية ضاربة في عمق التاريخ تعود الى أكثر من ستة آلاف سنة، وهي الفترة التي كانت تسود بها حضارة العبيد في جنوب العراق وأجزاء من منطقة الخليج العربي، حيث تعد هذه الحضارة أولى الحضارات الإنسانية، التي تمثل تاريخياً تأسيس وإنشاء أولى المستوطنات والتجمعات البشرية الكبرى، حيث اعتمد الإنسان خلالها على الزراعة المنظمة والمكثفة، وطور أثناءها شبكة لقنوات الري، وتوصل الى تنظيمات اجتماعية معقدة في العمل وفي العلاقات الإنسانية وتكوين القيادة والزعامة للمجتمع، وكذلك التنسيق بين أفراده لهدف معين وهو أداء الواجبات المنوطة بهم. كما عرف إنسان هذه الحضارة كيف يحول طين الأرض بعد عجنه وتشكيله وشويه بالنار الى منتجات من الفخار كانت بمثابة ثورة كبرى في تاريخ البشرية خاصة بعدما رافقها اختراع دولاب الفخار البطيء ثم السريع. فصناعة الفخار كانت تعني توفير سلسلة من الأدوات الضرورية لإنسان بدأ يتحول نحو المدنية والحضارة بعد أن ترك خلفه مرحلة الزراعة البسيطة غير المعتمدة على الأدوات الزراعية وأساليب الري وتنظيم العمل. وفي نفس الفترة تعلم الإنسان كيف يستغل المعادن ويطوعها ويصنع منها منتجات مهدت لقيام ثورة بشرية أخرى، فالأدوات الزراعية مثل الفأس والمنجل والمسحاة ساهمت صناعتها بشكل عظيم في تغيير أسلوب الزراعة وزيادة الإنتاجية وتعزيز سيطرة الإنسان على الطبيعة. هذا التطور الثقافي والاجتماعي والتكنولوجي صاحبه نمو غير مسبوق في العلاقات التجارية مع تجمعات بشرية أخرى تسكن مناطق من الخليج مثل قطر ودلمون (البحرين) حتى عمان. ولاشك إن هذه العلاقات التي ارتبطت بها قطر مع حضارة العبيد تعني وجود تجمعات سكانية كبيرة تتمتع بمستوى جيد من التنظيم والتطور، فالعلاقات التجارية تعني تبادل للسلع والمواد الخام مما يعني ان قطر التي كانت تستقبل المنتجات كانت تصدر منتجات أخرى ايضاً. وقد اكتشفت البعثات الأجنبية المتتالية التي نقبت في أرض قطر أدوات نحاسية وحديدية وبرونزية متنوعة تدل على علاقات سكان قطر التجارية مع الحضارات البشرية المتتالية مثل السومرية والبابلية والاشورية وصولاً لحضارات الإغريق والروم. وقد وصف المؤرخ الإغريقي الكبير هيرودوتس (الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد) أهل قطر بقوله (ان أهل قطر برعوا بفنون الملاحة )، كما أشار الجغرافي والفلكي الإغريقي بلطيموس الملقب بالحكيم في خريطته المسماة بلاد العرب الى قطر التي كانت من المناطق الملاحية الهامة في ذلك الوقت. وإزدادت بمرور الحقب والأزمان أهمية قطر، فبعد ان دخل أهل قطر الإسلام، بعد أن أوفد الرسول (صلى الله عليه وسلم) اليهم العلاء بن الحضرمي، شارك رجال قطر في الفتوحات الإسلامية، وساهموا بخبراتهم في بناء السفن في تأسيس أول أسطول بحري لنقل الجيوش الإسلامية، وساعدت خبراتهم في قهر البحار في إدارة وقيادة الأسطول الإسلامي ليبلغ البحر الأبيض المتوسط، حيث نجح المسلمون بفتح الجزر الواقعة في مياهه مثل قبرص وصقلية وذلك في فترات مبكرة من زمن الخلافة الإسلامية.