13 سبتمبر 2025
تسجيلمن فضل الله علينا أننا وُلدنا منتميين لهذه الأرض التي أغدقت علينا الكثير ولا زالت، البيوت عامرة بالبشر من أهلها وخدمها والموائد عامرة بما لذ وطاب من كل أقطار الأرض، ورغم أن الحصار بيَّن وبوضوح للمستهلك أن وصول حاجاته الأساسية إلى متناول يده يستلزم مجهودا ودعما حكوميا كبيرين، قد يكون غائبا عن وعيه قبل الحصار، إلا أننا ما زلنا نتبنى ثقافة الإسراف. ثقافة الإسراف أمست ثقافة شائعة، حيث تجد أُناسا لا يكادون يشعرون بحجم المبالغ التي تصرف على كماليات الحياة، علّمنا الحصار أن هناك أولويات في الصرف، يجب أن ننتهز هذه الأيام لتعليم وتدريب أبنائنا لإعداد ميزانية وتحديد الأولويات في الصرف والادخار للحالات الطارئة، أبناؤنا أمانة في أعناقنا، ومن الظلم لهم ولمفاهيمهم أن نربيهم على الدلال المادي المفرط، حب الأبناء لا يقاس بالمادة، بل على النقيض تبذير الأموال على الأبناء بحجة عدم التقصير بحقهم أو تدليلهم، فيه ظلم لمستقبلهم وإفساد لمفاهيمهم. ثقافة إكرام الضيف بذبح عدد كبير من البهائم لم تعد مقبولة، الولائم التي ترى بدايتها ولا ترى نهايتها في المجالس والأعراس من المفترض أن تتقلص، يجدر بنا تعظيم ثقافة الاقتصاد وازدراء ثقافة الإسراف، أوجّه هذه الفقرة إلى أصحاب المجالس الكبيرة الذين يجدون صعوبة في التحرر من الإسراف بحجة الكرم والعيب، إن تغيير المفاهيم شيء ليس بالهين، ولكن إذا سلّمنا بأن الضيوف ليسوا جياعا كالماضي، وأن الحصار بيَّن لنا أن نقدر قيمة المواد الاستهلاكية التي بين أيدينا، فالأجدر بمثقفي المجالس على الأقل ازدراء مظاهر الإسراف والثناء على ثقافة الاقتصاد. ثقافة الإسراف لم تعد مقتصرة على البيوت القطرية، بل تعدتها لتصبح ثقافة مجتمعية، الخدم في بيوتنا على سبيل المثال تعودوا على توافر كل شيء بكميات كبيرة، فأخذوا يسرفون في استهلاك الماء والكهرباء والمنتجات المنزلية الغذائية والتنظيفية، والأحرى بربة المنزل أو رب المنزل توجيه الخدم أو من هم تحت إمرتهم بالاقتصاد في هذه المواد، ففي الاقتصاد حياة. علينا أن نبدأ بأنفسنا ونمقت الإسراف الذي نهانا عنه ديننا الحنيف ونتواصى فيما بيننا بالاعتدال وعدم التبذير. ودمتم سالمين.