12 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر... مسيرة لا تعاق

27 أغسطس 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يدرك كل من يعيش على تراب هذه الأرض الطيبة، أو مر ذات يوم بشوارعها وطرقاتها، أنها ورشة عمل لا تتوقف، وأعمال مستمرة طوال الليل والنهار، أدام الله عليها وأهلها العز والأمن والاستقرار. فبوسع أي متأمل أن يدرك أن دولة قطر التي تستثمر مليارات الدولارات في تطوير واستكمال بنيتها التحتية، وإعمار المكان، وبناء الإنسان، أنها لا تفعل ذلك استعدادا لاستضافة كأس العام 2022 فحسب؛ وإنما تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. وانطلاقا من توجهها لتنويع مصادر دخلها، فهي تعمل على ترسيخ أقدامها في المنطقة كقوة اقتصادية، ودولة جاذبة لمزيد من الاستثمارات الاقتصادية، والأنشطة السياحية، في ظل امتلاكها لعناصر الجذب السياحي من طبيعة خلابة، وبحر، وشطآن وصحراء ومرافق تستوعب مئات الآلاف من الوافدين وغيرها من المقومات الأخرى للسياحة الترفيهية والثقافية والعلمية..، مما يعني أن دولة قطر ستكون أكبر منافس في محيطها الخليجي والعربي، وفي منطقة تزداد أهميتها يوما تلو آخر على المستوى العالمي، فضلا عن الإقليمي. وهو طموح مشروع، فمن حق الدول أن تطمح، وأن تعمل من أجل تنفيذ ذلك الطموح، بحيث يكون لها مكانة بين البلدان. غير أن طموح دولة قطر يبدو أنه قد أثار حفيظة بعض دول الجوار، وربما يكون قد أفزعهم نموها المتسارع، فعملت منذ سنوات لعرقلة هذه المسيرة، وقد أخذت الأمور منعطفا خطيرا، وغير مسبوق في العلاقات الخليجية الخليجية على نحو خاص، بعد أن قامت ثلاث من دول الجوار، وهي الإمارات، والسعودية والبحرين، بالإضافة إلى مصر بفرض حصار بري وبحري وجوي جائر، في محاولة لإعاقة مسيرة قطر التنموية، ونهضتها الحضارية. وفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2016 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) التابع للأمم المتحدة، بعنوان التنمية البشرية للجميع، فقد احتلت قطر المرتبة الأولى عربياً، والمرتبة الثالثة والثلاثين عالمياً في مجال التنمية البشرية. كما تؤكد البيانات الدولية على أن دولة قطر تأتي في المرتبة الأولى عربيا –ومرتبة متقدمة عالميا- بالنسبة لجودة التعليم، وجودة الصحة، ومكافحة الفساد، والتنافسية العالمية، وغيرها من جوانب التنمية البشرية الأخرى، وهي تنفق سنويا 6 مليارات دولار على مشاريع البحث العلمي، ولهذا الإنفاق عائداته المفيدة على البيئة المحلية والإقليمية والدولية. هذه الأرقام تؤكد مدى النجاح الذي استطاعت دولة قطر إحرازه خلال السنوات الماضية، وهذا النجاح لا يأتي من فراغ، وإنما هو ناتج عن إدارة ناجحة، وتوظيف سليم لموارد الدولة وثرواتها لما فيه مصلحة الأجيال الحالية والقادمة، وبما يحقق رؤيتها الطموحة 2030. وإذا كان من حسنة لهذا الحصار الجائر وغير المتوقع من الأشقاء والجيران، فهو أن دولة قطر اليوم تبدو مختلفة كلية عنها قبل الحصار، فقد بدأت العمل وبوتيرة سريعة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات التي كانت تعتمد فيها على الاستيراد من دول الجوار، وكما نجحت الديبلوماسية القطرية في إدارة هذه الأزمة باقتدار، وحاصرت الحصار، وتحولت من موقف المدافع إلى موقف الهجوم على حد تعبير صحيفة "واشنطن بوست" في الثامن من هذا الشهر، فإنها قادرة –بعون الله وهمة أبنائها المخلصين- على النجاح في معركة الإنتاج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في غضون أعوام قليلة. لم تكن دولة قطر عاجزة عن إنشاء مصانع، وليس مصنعا واحدا للألبان –مثلا-، ومزارع لا مزرعة واحدة للدواجن، والتوسع في الزراعة... وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ومتطلبات الحياة اليومية، ولكنها كانت ترى في وجود هذه المصانع والمزارع في دول الجوار ما يلبي احتياجاتها في ظل تكامل الاقتصاد الخليجي المنشود والمنصوص عليه في اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي، ولكنها فوجئت بما لم يكن في الحسبان، بعد أن صحا الناس ذات يوم على حصار غير مسبوق في التاريخ الحديث، ولا تجيزه الشرائع السماوية، أو تقره القوانين الوضعية. دولة قطر ماضية –بعون الله وتوفيقه- في مسيرتها التنموية، واستكمال نهضتها الاقتصادية، وهي مسيرة لا يمكن إعاقتها، كما أنها حق مشروع لها ولأبنائها، وجدير بجيرانها إن لم يكونوا عونا لها على تحقيق هذا الطموح، فلا أقل من كف أذاهم عنها، فخيرات المنطقة –بفضل الله- كثيرة، والعالم يتسع للجميع، ونهوض أي دولة عربية، يصب في مصلحة الأمة العربية في نهاية المطاف، في عصر التكتلات الاقتصادية، والكيانات العملاقة.