14 سبتمبر 2025

تسجيل

«الوعد» وبدء العد التنازلي

24 سبتمبر 2019

الغيرة والحسد كانا حاضرين وبقوة بسبب فوز قطر بتنظيم كأس العالم مونديال قطر 2022 يعتبر مكسباً عربياً كبيراً ويشرِّف كل العرب كم من المؤامرات حيكت – ولا تزال- ضد دولة قطر، لإرباك نهضتها الحضارية، ولاثنائها عن مسيرتها التنموية والبنائية، بما في ذلك السعي إلى حرمانها من استضافة كأس العالم، هذا الحدث العالمي المرموق الذي تتوق لاستضافته كثير من دول العالم، وتسعى جاهدة إلى نيل شرف تنظيمه، وهو ما أحرزته قطر باقتدار وجدارة، لتكون بذلك أول دولة عربية تفوز بهذا الشرف، وتحظى بتنظيم هذه التظاهرة الكونية التي تتم كل أربع سنوات، وتخطف أنظار الجمهور في كل بقاع العالم. الفوز بتنظيم كأس العالم، مسألة ليست بالأمر السهل، فالتنافس العالمي في هذا المضمار محموم، والصراع محتدم، وقد بذلت قطر جهودا كبيرة في هذا المجال، فأعدت ملفا قويا أهلها للفوز بتنظيم هذا الحدث العالمي في العام 2022، وهو ما يعتبر مكسبا عربيا كبيرا، قبل أن يكون قطريا، ويشرف كل العرب، كما يشرف المواطنين القطريين، وبخاصة وأن القيادة القطرية تتحدث بلسان العرب في كل مناسبة ذات صلة بهذا العرس الكروي، وعند افتتاحها أي منشأة رياضية أعدت خصيصا لهذا الحدث، وكان حري بالبلدان العربية الشقيقة أن تكون نصيرا لدولة قطر، ومؤازرة لها، وسعيدة بقدر سعادتها لهذا الإنجاز، ولكن ما حدث هو العكس تماما من بعض البلدان العربية، ويا لها من مفارقة غريبة وعجيبة! حوربت قطر حربا شعواء –و لا تزال- بما في ذلك التهم المتعلقة بالإرهاب، وهي منها براء، فأنظار العالم مفتوحة، وأجهزة تنصته الأرضية والجوية والبحرية، داخل الكوكب الأرضي وخارجه، ترصد كل صغيرة وكبيرة، وبخاصة حين يتعلق الأمر بقضية الإرهاب، ومعروفة هي الدول والجماعات والأفراد التي تتهم بتمويل الإرهاب ورعايته، ولدى بلدان العالم الكبرى والصغرى اليوم قاعدة بيانات أكثر مما تحتاجه في هذا المجال، ويتم تحديثها على نحو مستمر، كما يتم متابعة الأطراف المتهمة بالإرهاب بدأب وانتظام في سائر الأماكن، وفي كل الأوقات، بما لا يتيح مجالا لهذه الأطراف للهروب من هذه الملاحقة، مع تحفظنا على الاستعمال المنفلت لهذا المصطلح في كثير من الأوقات، والصاق هذه التهمة –عادة- بالخصوم السياسيين والمناوئين والمعارضين وغيرهم! الواقع أن ما تم هو جزء من الحرب الشرسة النفسية والاقتصادية والسياسية الموجهة ضد دولة قطر، والتي تهدف إلى إثنائها عن مسيرتها البنائية، وسعيها الحثيث في تعزيز مكانتها في محيطها الإقليمي، والدولي، كقوة مؤثرة، وطرف فاعل في السياسة الإقليمية والدولية، وبخاصة في ضوء قوة آلتها الإعلامية وتأثيرها، وفاعلية دبلوماسيتها الناعمة. الغيرة والحسد كانا حاضرين وبقوة بسبب فوز قطر بتنظيم كأس العالم، إذ كيف لدولة توسم دوما بأنها دولة صغيرة العدد والمساحة أن تنال هذا الشرف العالمي، متناسين أن الغلبة ليست مرتبطة دائما بحجم عدد السكان، ولا بالمساحة الجغرافية الكبيرة، ولكنها مرتبطة أكثر بمدى إسهامك الحضاري على المستوى الكوني، ومدى إنجازاتك على الصعيد الوطني من خلال تعميق الهوية الوطنية، وما تقدمه لأبناء وطنك من جودة في التعليم والرعاية الصحية، والأمن والأمان والاستقرار والرفاه وغيرها من جوانب الحياة المدنية الأخرى التي تضمن تعايشا سلميا، وعيشا هنيئا لأبناء شعبك، وهو ما أحرزت فيه قطر إنجازات يعتد بها، يشهد على ذلك المراتب التي حققها في هذه المجالات على الصعيدين الإقليمي والدولي. صحيح أن الصراع بأنواعه المختلفة سمة من سمات الحياة، والتنافس الشريف أمر مشروع، لكننا نبقى عربيا بحاجة ماسة على الصعيد السياسي خاصة للتخلي –ولو قليلا- عن الأنانية المفرطة، وحربنا الشعواء ضد بعضنا البعض، بما يخرجنا من دائرة الصراع الذي لم يضر بأحد بقدر إضراره بنا؛ معشر العرب، وبما يحقق شيئا من تشافي الجسد العربي، والتعافي من الاعتلالات النفسية، والاختلالات الفكرية. بإطلاق شعار بطولة كأس العالم 2022 الأيام الماضية، يبدأ العد التنازلي لهذا الاستحقاق الرياضي، رغم إرجاف المرجفين، وتربص المتربصين. لنفرح لقطر بهذا الإنجاز، فهي ممثلة للعرب، ومن لا يريدون أن يكونوا سندا وعونا لقطر، فلا أقل من كف شرورهم وأذاهم عنها، فهذا أبسط مقتضيات الأخوة والجوار، والنخوة العربية، والمصير المشترك.