29 أكتوبر 2025

تسجيل

من هي تلكم الميليشيات الطائفية القاتلة؟

27 أغسطس 2014

جرائم الاختطاف والقتل والاغتيال في العراق ومنذ عام 2003 باتت من حقائق الحياة اليومية، بعد انهيار المنظومتين الأمنية والعسكرية ودخول العراق في هوة الفوضى المهلكة والتي توجت لاحقا بملء الفراغ عن طريق هيمنة أحزاب وجماعات ذات ولاءات خارجية معروفة وبأهداف ودوافع مشخصة على مسارب السلطة في العراق، ليتحول الحلم الديمقراطي الموعود لكابوس طائفي فوضوي أشبه بالسرطان المستشري في الجسد العراقي!، مجزرة مسجد مصعب بن عمير الأخيرة في ديالى، وهي مجزرة طائفية مروعة بمختلف المقاييس وموجهة ضد وحدة العراق والسلام الأهلي والتوازن الطائفي وتمثل نقلة نوعية مهمة في الوضع العراقي، وتعبر عن طبيعة مرحلة تاريخية هي الأخطر في تاريخ العراق، فتوقيت المجزرة قد جاء مع المجازر البشعة التي تقترفها عصابات داعش في شمال العراق والشام أيضا ضد مخالفيها والأقليات الدينية والمذهبية أيضا، كما أنها حدثت في زمن هزيمة وطرد رئيس الحكومة السابق نوري المالكي من موقعه السلطوي وتكليف حيدر العبادي بتشكيل حكومة ينبغي أن تكون حكومة وحدة وطنية قادرة على تصحيح المعوج وإنهاء الأوضاع الشاذة، وكتابة فصل جديد ينهي حكاية التحاصص وصولا لمدنية الدولة وللمشروع الوطني العابر على مصائب الطائفية. ولكن الواقع المرير أقوى من الأمنيات الجميلة، والإناء ينضح بما فيه، بعد أن عمد معسكر نوري المالكي، وهو خبير وضليع في شؤون الإرهاب وإدارته ويمتلك جيوشا وعصابات طائفية رديفة لتفعيل الماكينة الإرهابية نحو نهايات بؤس طائفية، فحدثت سلسلة من عمليات القتل والتعرض الطائفي الواضح في البصرة والرصافة وأخيرا في صلاة جمعة مسجد مصعب بن عمير في ديالى وقيام ميليشيات إرهابية طائفية مجرمة بتنظيم حفلة إعدام جماعية ضد المصلين!، والعجيب هو أن بيانات السلطة العراقية غالبا ما تتحدث عن (ميليشيات طائفية) وهم بالآلاف المؤلفة بعد تطبيق فتوى الجهاد الكفائي! ولكنها تتغافل عن ذكر هوية وطبيعة واسم تلك الميليشيات، فهل أنها قد قدمت من الفضاء الخارجي مثلا؟ وهل جاءت من الإسكيمو؟ أم أنها قد نفذت جريمتها من خلال التعاون مع الشرطة المحلية وسيطرات الجيش الحكومي أيضا؟ ثم في ظل حالة (الجهاد الكفائي) أليس معروفا للجميع من هي تلكم الميليشيات؟ ومن يقودها؟ ومن يسلحها؟ ومن يوفر لها آليات التنقل وهويات المرور؟ وهل تتم كل تلكم الأشياء بمعزل عن الدولة والحكومة؟ إذن ما قيمة الحكومة في ظل الفوضى القائمة؟ وكيف يمكن تبرير كل هذه الفظاعات، فيما القوم في البرلمان التعبان والحكومة الخائفة محصنون خلف أسوار المنطقة الخضراء، تاركين شعبهم لرحمة ذئاب الموت الطائفية؟ هل يستطيع المكلف الرئاسي حيدر العبادي تسمية وتحديد الميليشيا التي تقوم بكل هذا القتل والإرهاب؟ وهل يمتلك الجرأة والشجاعة لاعتقال ومحاسبة هؤلاء المجرمين الذين يعرفهم حق المعرفة.الجميع في العراق يعرف تماما من هي الميليشيات التي تمارس القتل الطائفي ومن هم قادتها؟ إلا الحكومة العراقية ووزارة داخليتها أو المخابرات العراقية الواقعة تحت سيطرة الحزب. هل من المعقول أن تثور الدنيا لمجازر داعش، بينما لا يتحرك أحد لمعاقبة ومتابعة ومعرفة الميليشيات الطائفية (المجهولة) التي تتنقل بحرية لتقتل وتخطف من تشاء في الوقت الذي تشاء؟ وأين المخابرات الأمريكية في العراق عما يحصل ولماذا لا يعمد مجلس الأمن الدولي لضم تلكم الميليشيات (المعروفة) للقرار الأممي بالمتابعة والملاحقة؟ ألا يعلم العالم بأن نوري المالكي شخصيا هو نفسه من يقف خلف تلكم الميليشيات؟، وهل يتمكن حيدر العبادي من الوقوف بوجه تلكم الميليشيات وفرملة جرائمها الإرهابية؟ أم أنه سيلجأ للحلول الحكومية العاجزة عبر الإدانة والاستنكار والشجب وتشكيل اللجان التحقيقية المتخصصة والتي لن يعرف أحد نتائج تحقيقاتها أبدا. العراق والمنطقة على أعتاب حروب طائفية مريعة ما لم يتحرك العالم وهو طبعا لن يتحرك مطلقا، فقادة الظلام الطائفي هم من يتحكم بالشرق الأوسط اليوم.