13 سبتمبر 2025
تسجيلقصة تدمير إسرائيل لأجزاء كبيرة من قطاع غزة هي كتاب مفتوح كتبته إسرائيل بيدها الملطخة بدماء أبناء الشعب الفلسطيني في غزة في حرب الواحد وخمسين يوما التي شنتها على القطاع أمام مسمع ومرأى العالم، الذي أيد جانب كبير منه مشروع حصار قطاع غزة تأديبا له على اعتداءاته المزعومة على إسرائيل. ذلك الحصار الذي جاء خضوعا لإملاءات الإدارة الأمريكية الخاضعة بدورها لإملاءات اللوبي الصهيوني الذي يتسيد الساحة السياسية الأمريكية، يتضرع فيها كيف شاء. جانب من العالم آثر الاكتفاء بالفرجة السلبية أو بالإدانات اللفظية الخجولة وهو يشاهد الدم الفلسطيني يسيل أنهارا ولا يستطيع الإفصاح عن أكثر من هذا الموقف السلبي، لكن أحرار الشعوب الحية من كل أنحاء العالم رفضوا الخنوع للإملاءات الأمريكية والصهيونية، وحملوا أرواحهم في أيديهم، وركبوا بحار الخطر، وجاءوا يقتحمون حصون العدو الصهيوني بصدور مفتوحة للرصاص الغادر. وما لبث العالم المستكين أن شاهد العشرات منهم وهم يتساقطون من على أسطح سفن الكرامة برصاص الغدر الصهيوني. بعض دولنا العربية اكتفت بالشجب والصراخ العالي، بعضها الآخر رضخ للإملاءات الأمريكية، ومارس الاستنكار الخجول. تذكرون (المعابر) التي كانت تفتح لساعات قليلة بعد النداءات والرجاءات المتكررة قبل أن تغلق في وجه العالقين الفلسطينيين مرة أخرى، ولكن عربا آخرين حملوا إرادتهم في أيديهم وأقبلوا نحو قطاع غزة يضمدون جراحها، لم يكتفوا بالاستنكار والإدانات مهما ارتفعت درجة حرارتها. كانت قطر، الصغيرة الكبيرة، في مقدمة جحافل أولئك القادمين، فتحت خزائنها التي لم تغلق في يوم من الأيام أمام أشقائها في فلسطين أو في غيرها. قالت نعم لخطط إعمار قطاع غزة، ابتدرت جحافل القادمين وقدمت مليار دولار منحة لإعمار القطاع، وانهمكت في مشاريع الإعمار الأخرى بأيدٍ ممدودة. الأمم المتحدة والجامعة العربية شكرتا صنيع قطر التي لم تكن تنتظر في يوم من الأيام الشكر على إيفائها بواجبها القومي والإسلامي والإنساني. ولكن جرى العرف بين الناس أن ينوهوا بحسن الصنيع من أي جهة أتى وبأي كيفية جاء. وقديما قيل: الذي لا يشكر صنيع الآخرين الحسن لن يشكر الله. نحن في السودان أدرى بصنيع وجهود إخوتنا في قطر تجاه قضايا وطننا العربي الكبير، لأن قطر الصغيرة تعيش وسطنا بقلبها الكبير منذ عقود تدفع معنا غلواء محن سياسية تأبى إلا أن تهدد وحدة بلدنا. تفرد الجهد القطري تجاه وحدة بلداننا العربية وجبر ضررها من غيرنا، نحن السودانيين، يوفيه حقه، ويجزله القول والعرفان. آخر الأخبار الخارجة من غزة تنبئ عن أرتال من الشاحنات العملاقة وهي تحمل مئات الأطنان من مواد البناء، بناء ما دمرته إسرائيل الحاقدة.