16 ديسمبر 2025
تسجيلالمخاطر والتحديات المحيطة بالعراق ومستقبله في ظل وضعية الدولة الفاشلة، وحالة التشابك والتطاحن التام، هي أكبر من قدرة أي طرف على الإحاطة بها، فضلا عن وضع حلول ناجعة لها، فاستنزاف الموارد المحدودة والمعتمدة أساسا على الفوائض البترولية في ظل أزمة انهيار الأسعار الدولية، وضعف أداء الاقتصاد العراقي في ظل ارتفاع العجز الكبير في الميزانية والذي اضطر وزير المالية علنا لطلب المساعدة الدولية عبر رزمة قروض من صندوق النقد الدولي، والصرف الفوضوي على العمليات العسكرية الجارية بحدة منذ عامين كاملين، ثم دخول ميزانية ومصاريف الحشد الشعبي على الخط، ومطالبة الدولة بتمويل رواتب ومخصصات عناصر الحشد، رسمت أبعادا درامية لعملية انهيار اقتصادي متسارعة. الخطر الذي يلوح في الأفق يتمثل في شبح إفلاس الدولة العراقية وعجزها عن دفع رواتب موظفيها خلال الشهور القادمة، وبما يعني ويكرس أشياء ودلالات كثيرة، في بلد لا ينتج أو يصنع شيئا ويكتفي بالقطع من اللحم الحي من الموارد البترولية الناضبة في الصرف على حروب طائفية وعبثية وتدميرية، وفي ظل ملفات فساد وإفساد سلطوي أزكمت الأنوف وتراكمت ملفاتها منذ أيام الحكومات المالكية العجفاء التي امتصت الزرع والضرع وتركت العراق في حالة فشل وعجز وخواء شبه تام، وهو ما دفع رئيس الحكومة العراقية المتضعضة حاليا حيدر العبادي لإصدار قرارات تقشفية تشمل تخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث في الجمهورية والحكومة والبرلمان، وهي مخصصات باذخة ليس لها مثيل في جميع دول العالم وكلفت الميزانية العراقية ما لا يطاق. وهذه الخطوة الرمزية لا تعني شيئا في ظل نهب الميزانية في صفقات مشبوهة ومشاريع وهمية، وميزانيات حروب لا تنتهي. الشبح الذي يضغط على أعصاب الحكومة العراقية الحالية هو مشكلة توفير الرواتب لموظفي الدولة خلال الشهور القادمة، وضمان هدوء وتجاوب الشارع العراقي الذي بات يتململ ويغلي ويهدد بانفجار شعبي قد لا تستطيع الأحزاب الطائفية ضبط إيقاعاته وهي تعيش صراعاتها البنيوية الحادة على الزعامة والقيادة والهيمنة على موارد الدولة المنهوية. إفلاس العراق ليس مجرد شبح تهدد ظلاله سلطة ضائعة وعاجزة، بل إنه حقيقة ميدانية معاشة ومتجسدة ميدانيا. لقد حولت الأوضاع الكارثية أغنى بلد في الشرق الأوسط لزبون مفلس من زبائن صندوق النقد الدولي كأي دولة فاشلة. الإفلاس القيمي والفكري والسلوكي الذي يعيشه العراق تحت ظلال سيوف أحزاب التخلف والرجعية، قد رسم ظلاله ليدمر الاقتصاد العراقي ويطيح بالدولة العراقية التي ستعلن قريبا عن إفلاسها ولربما بيعها في سوق النخاسة الدولية، وفي المزاد العلني.. نقولها ونكرر، الطائفيون الفاشلون عار على التاريخ... فوا أسفاه... على عراق قد تردى في حضيض الإفلاس الشامل.