31 أكتوبر 2025

تسجيل

أين هم أنصار السلام في إسرائيل بعد استباحة غزة ؟!

27 يوليو 2014

منذ أكثر من عقدين ظهر على السطح ما يسمى آنذاك بأنصار السلام في إسرائيل وتحركوا بقوة في الساحة العربية لإقامة التطبيع بين العرب والكيان الصهيوني قبل أن يتم السلام، والانسحاب الإسرائيلي وفق القرارات الدولية. وفعلاً نجح رجل الموساد العتيد "ديفيد كيمحي" في إنشاء ما سمي في ذلك الوقت بـ" التحالف العربي ـ الإسرائيلي الشعبي من أجل السلام"، وعرف هذا التحالف بإعلان كوبنهاجن واستقطب هذا التحالف العديد من المثقفين العرب للانضمام إلى هذا التحالف المشبوه. وقلنا وقتها ـ كما قال الكثيرون ـ إن هذا التحالف المشبوه لا يساهم في دعم السلام، بل العكس يسهم في دعم توجهات الكيان الصهيوني في الاحتفاظ بالأرض وكسب التطبيع معاً، وهذا التطبيع أيضاً يهدف إلى كسر الحواجز بدون مبررات أو خطوات عملية لإقامة السلام الشامل العادل في الأرض المحتلة.وقال هؤلاء ـ دعاة التطبيع ـ وقتها إن هذا التحالف سوف يشجع قوى السلام في إسرائيل للدعوة إلى السلام وسيشكلون قوة ضغط على المؤسسة العسكرية الحاكمة للانسحاب من الأراضي المحتلة وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الاستقلال.وهذه المجاهرة بدعاوى التطبيع، مست حتى "الثوابت"! بالغمز واللمز.. ففي مقالة لأحدهم منذ سنوات بعد أن ظهرت عليه علامات التلون في الفكر والأعراض في التطبيع مع الإسرائيليين قال ما نصه:"اهتمامنا المعروف بـ"الثوابت" خلق لدينا ميلاً دائماً للابتعاد عن كل ما هو جديد طالما أنه لا يتوافق مع رؤيتنا وأمانينا. وعندما يصل الأمر إلى النظام العالمي فإن الكارثة تصبح محققة. فلو أننا نظرنا إليه ـ ويقصد النظام الدولي الراهن ـ نظرة فاحصة لوجدنا أن هناك الكثير من الجديد تحت الشمس الذي لا يؤدي بالضرورة إلى تدهور أوضاعنا، والواقع أن أي نظام يمكن التعرف عليه من خلال أربعة أبعاد: نمط سائد للتكنولوجيا، وبناء للقوة والسلطة، وقاعدة للأعمال والمهام والوظائف التي يريد النظام إنجازها، وأخيراً القيمة السياسية التي تعد وعداً للنظام أو الغاية التي يسعى إلى تحقيقها. فدعاة التطبيع ينسون أو ربما يتناسون أن إسرائيل، عبر تاريخها الطويل تلبس الحق بالباطل، وترفع شعار السلام وهي تخطط للحرب، فإذا كان صحيحاً ـ هذه المرة ـ أن الإسرائيليين يريدون السلام فإن القضية لا تحتمل الطلاسم والألغاز والأحاجي، فإعطاء الحق لأصحابه هو الضامن الأكيد لأمن إسرائيل ووجودها، وهو الذي سيّكرس السلام الدائم الشامل بعيداً عن التحالفات المشبوهة، واللقاءات التلفزيونية، فلماذا إذاً هذه الأساليب التي لا تخدم قضية ولا تحرك واقعاً لإنهاء تكريس الاحتلال؟ثم إننا نريد أن نطرح سؤالاً على مجموعة كوبنهاجن ـ أنصار السلام الآن ـ ماذا بعد انكشاف المستور ـ ماذا فعل أنصار السلام في إسرائيل في إسرائيل الذين يشتركون معهم في التحالف تجاه معوقات السلام التي تضعها إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة؟ كإقامة المستوطنات في هدم بيوت السكان والقتل، وطمس الهوية العربية، ومصادرة الأرض، والإصرار على تهويد مدينة القدس ثم العرب على الشعب الفلسطيني في غزة عامي 2008 و2012 ثم الآن استباحة غزة بقتل المواطنين الفلسطينيين؟! لم نر شيئاً يعزز فكرة وتأثير أنصار السلام في إسرائيل حتى الآن.. لماذا طالب دعاة التطبيع آنذاك بأن يتم السكوت عن هذه اللقاءات والمؤتمرات التطبيعية، في الوقت الذي نرى هؤلاء أنصار السلام في إسرائيل، لا يختلفون مع حزبي العمل والليكود في المنطلقات والأهداف والمضامين؟ففي لقاء كوبنهاجن الشهير في التسعينيات من القرن الماضي، الذي انبثق عنه "التحالف العربي الإسرائيلي الشعبي من أجل السلام"، طرحت في الإعلان فقرة تشير إلى أن "الصلات بين الشعوب هي الطريق لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي" وهذه الفقرة الصادرة بالإعلان تبعث على الضحك أكثر مما تثير البكاء، لأن الصلات المجردة بين الشعوب، وعبر تاريخ الإنسانية الطويل لم تنجز حلاً عادلاً أو حتى ناقصاً منذ احتلال الصهاينة لفلسطين منذ عام 1948!فما بالك بحل الصراع العربي الإسرائيلي الذي يعد من أبشع الصراعات في التاريخ قاطبة، حيث نكل بالشعب الفلسطيني ونهبت أرضه وحقوقه، واستعاضت إسرائيل عن لغة الحوار مع هذا الشعب، المناضل العنيد، بلغة القتل والتشريد والاحتلال.ويعلق د. محمد السيد سليم على الفقرة التي جاءت فيقول إن هذه "المقولة تطرح لأول مرة في تاريخ الصراعات والعلاقات بين الشعوب التي تتميز بوجود أرض محتلة. فهذه المقولة لا تصح إلا إذا كانت العلاقات بين الشعوب متكافئة حيث لا يحتل شعب أرض شعب آخر أو يتسلح شعب بالأسلحة النووية مهدداً جيرانه بالهيمنة والدمار. أما في ظل الاحتلال الإقليمي فإن مقولة الحوار بين الشعوب تصبح مدخلاً لتكريس الوضع الراهن لا لتعديله. والدليل على ذلك أن أياً من الدول الغربية التي رعت كوبنهاجن وشجعته لم تقبل هذه المقولة حين دخلت في منازعات مع غيرها سواء شملت احتلال أراض أو لم تشمله. فحينما احتلت الأرجنتين أراضي جزر الفوكلاند صممت بريطانيا على استعمال القوة لطرد الأرجنتين من الجزر، ودعمتها الولايات المتحدة في عهد ريجان في ذلك. وهناك الكثير والكثير من الوقائع التي تجعل هذه المقولة مرفوضة وخالية من الأسانيد التاريخية والواقعية والعقلانية. فلماذا نحن العرب فقط الذي يجب علينا سلوك الحوار والتطبيع، وأنه الطريق الوحيد لنا للمطالبة بالحقوق المغتصبة من غير بقية خلق الله جميعهم على أرض هذه البسيطة؟!إذاً هؤلاء الذين يركضون وراء التطبيع آنذاك من جماعة كوبنهاجن، يبدو من بياناتهم وتصريحاتهم وآرائهم أنهم يلتمسون الأعذار لإسرائيل في احتلالها، ويختلقون المبررات لغطرستها "بعضهم قال إن الشعب الإسرائيلي لم يستعد بعد للسلام!".بل إنهم في هذا السبيل يهدمون الكثير من الأوراق الضاغطة على إسرائيل مثل أوراق المقاطعة السياسية والاقتصادية والثقافية.أليس من المنطقي أن يكون الجانب الإسرائيلي ـ قبل التطبيع ـ حدد مواقفه الواضحة من قضية السلام وباتت منطلقاته واضحة تجاه إستراتيجية السلام العادل؟ والسؤال ماذا حقق هؤلاء في هذا اللقاء؟ لاشيء. أما الجانب الإسرائيلي فحقق ما تهدف إليه إسرائيل أساساً وهو: 1ـ كسر الجمود في قضية التطبيع القائمة والمرتبطة بالحلول النهائية على المسار الفلسطيني والمسار السوري والمسار اللبناني ـ قبل الانسحاب.2 ـ لفت أنظار العالم أن "السلام البارد" بين العرب والإسرائيليين في التعاون الإقليمي والتطبيع الثقافي بدأت حرارته ترتفع، وأن إعلان كوبنهاجن مؤشر على أن السلام البارد انتهى، ولا داعي للقلق، رغم احتلال الجولان والقدس ووجود المستوطنات وغيرها.الآن اختفى ما يسمى بأنصار السلام، ولم نعد نسمع تصريحاتهم أو مظاهراتهم من السلام، لأن القضية تفكيك الحماس الفلسطيني، واللعب على أوهام السلام دون أن يكون هناك تحرك جدي وقوي للتأثير على قادة الكيان الإسرائيلي لإقامة سلام حقيقي وفق القرارات الدولية والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.. نريد أن نسمع مع الذين سايروا أنصار السلام وصدقوا مقولاتهم عن دورهم المقبل في تحقيق السلام القادم؟ ولماذا لم يعلنوا مواقفهم من جريمة الاعتداء على أسطول الحرية قبل سنوات الذي بهدف إلى إغاثة سكان غزو المحاصرين؟ وما هو رأيهم من قتل مسالمين على متن هذا الأسطول؟ القضية واضحة من قبل ما يسمى بأنصار السلام. ثم الآن يجري القتل اليومي في غزة للمواطنين العزل في بيوتهم وحتى في الملاجئ الدولة!! لكن نحن للأسف من يبرر لهم، وربما نصدق أقوالهم وأوهامهم، وهذه مشكلة كبيرة في نظرتنا إلى عدالة قضيتنا وحقوقنا المهدورة من أكثر منذ عام 48 حتى الآن، تستمر المعاناة باستباحة غزة أمام سمع العام وبصره، ولله في خلقه شؤون!!.