16 سبتمبر 2025
تسجيللاتزال أنظار المسلمين وقلوبهم ومشاعرهم تتجه إلى مصر الكنانة حيث يتطلعون لأن ينتصر الحق فيها على الباطل وأن تعود الشرعية للرئيس المنتخب محمد مرسي الذي وجد فيه ملايين المسلمين مثالاً للحاكم المسلم العادل الذي جاء باختيار شعبه طواعية لا كرهاً كسائر حكام المسلمين بعد أن أوشكوا أن يفقدوا الأمل في وجود هذا الحاكم الملتزم بتعاليم دينه والحافظ لكتاب ربه والراغب في تطبيق شرع الله تعالى ورفع الظلم عن الناس ونشر الخير في المجتمع والإصلاح في الأرض. (ذروني أقتل موسى).. قالها فرعون لقومه وأتباعه وبطانته كي يحصل منهم على موافقة وتأييد لارتكاب جريمته وقتل نبي الله موسى عليه السلام بعد أن أظهر الله الحق على يديه وبرهن لهم بالحجة والآيات الكبرى بطلان ما يعتقدون وزيف مايعبدون كما أظهر للملأ من قوم فرعون بطلان مقولته (أنا ربكم الأعلى).. فأي رب هذا الذي يقف عاجزاً عن الانتصار على موسى عليه السلام رغم استعانته بكل ساحر عليم، الأمر الذي ارتدّ عليه وجعل السحرة يؤمنون بالله تعالى أمام عينيه وعلى الملأ، وهاهو الخائن السيسي يظهر على الملأ ليقول لأنصاره وأتباعه "ذروني أستخدم القوة ضد المعارضين لحكمي وأقضي عليهم!" حيث خرج العميل القادم للرئاسة على ظهر دبابة عسكرية والمؤيد من الغرب ومن أعداء الدين في الخليج ليقول للناس "انزلوا إلى الشوارع يوم الجمعة حتى تعطوني الشرعية والأمر لاستخدام القوة ضد المؤيدين للرئيس محمد مرسي" بعد أن فشل في مخططه وخطته المرسومة له من قبل أسياده الأمريكان والصهاينة وبعد أن أثبت الشعب المصري المؤمن بأنه لا يرغب إلا في عودة الرئيس محمد مرسي الذي اختاروه بأغلبية وأرادوه حاكماً شرعياً لمصر التي عانت من ويلات الطغاة وحكم الفراعنة دهوراً من الزمن. إنها دعوة من السيسي لأعوانه وأنصاره - الذين فشلوا عبر صناديق الاقتراع - لأن يخرجوا للشوارع فتكون حرباً أهلية وبمثابة إعلان حرب على الفئة المؤمنة المسالمة في ميدان رابعة العدوية والنهضة وسائر ميادين ومدن مصر، وإنها لدعوة جاهلية معارضة لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تريد المزيد من الفتنة وإراقة الدماء ولكن بصورة قهرية جبريّة أكثر هذه المرّة، حيث لم يكتف السيسي والعملاء من أمثاله بقتل المصلين في صلاة الفجر ولا بقتل الأطفال والنساء المسالمين وإنما يريدها لتكون حرباً أكثر دموية وعنفاً ضد من يريدون لمصر العزة والكرامة بتمسكها بدينها وتطبيقها لشرع الله تعالى، فلقد لمس أعداء الأمة تلك الصحوة العظيمة التي بدأ الرئيس محمد مرسي في الدعوة إليها حين طالب بالقضاء على الفساد وعلى من يسرقون قوت الشعب المصري وبدأ يشن حرباً على رموز الفساد ويتحرك لاسترداد أموال مصر المنهوبة منهم، كما بدأ في الاهتمام بمشاريع التنمية في قناة السويس التي ستجني من ورائها مصر المليارات الطائلة وكذلك بالاعتماد على الموارد المحلية في القمح والدقيق والقطن وغيرها بعد أن كانت تصدر للخارج ويعاني المصريين في الداخل من البطالة حيث طالب بأن يعتمد المصريون في طعامهم ودوائهم وسلاحهم على أنفسهم وهو الشيء الذي فعله الرئيس محمد مرسي ويحاربه الذين تمرّغت أنوفهم في التراب إرضاءً لأعداء الأمة، والعجب أن مايحدث في مصر الآن هو أمر لايعقل من التناقضات والتجاوزات الخطيرة، فعندما حذرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ممن كان قبلنا "إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" ولكن مافعله هؤلاء تجاوز النهي والتحذير إلى أنهم قاموا برفض حكم الحاكم المسلم العادل الصالح فيهم والمحافظ على أموالهم وثروة بلادهم وانقلبوا عليه وسجنوه بينما تركوا المجرمين السارقين الخونة يحكمونهم ويعيثون في مصر فساداً. ولا يزال الخونة والانقلابيون يتهمون الإسلاميون والإخوان المسلمين بكل صفة ليست فيهم افتراءً على الله وإرضاءً لمن دفعوا لهم وأمروهم بتلك الخيانة العظمى، ولهذا صدّقهم كل "متحامل" أو "حاقد" أو "كاره" لتطبيق شرع الله، ولهذا فإن الحرب على الإسلاميين عموماً والإخوان المسلمين خصوصاً بدأت قديماً عندما أدرك الطغاة أن هذه الجماعة الوحيدة في الساحة تقريباً التي جمعت شمولية الإسلام ودعت إلى عودته من خلال تطبيق شرع الله في كافة نواحي الحياة دون إنقاص منه أو اجتزاء، حيث لم ينشغلوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على حساب الجهاد في سبيل الله، ولم ينشغلوا بتعليم العقيدة وتصحيح التوحيد على حساب الحكم والسياسة، ولم ينشغلوا بالعبادة والذكر وطاعة الله عز وجل على حساب الدعوة إلى الله ونشر الإسلام، ولم ينشغلوا بالولاء والبراء على حساب تحكيم شرع الله والرضى بحكم الله ورسوله، إنها دعوة الإسلام "الوسط" التي فضّلت هذه الأمة لأنها تتخذه منهجاً لها، فالإخوان المسلمون وكل من ينادي بالوسطية لم يأت بشيء من عنده وإنما استمده من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والله لو أن "الإخوان المسلمون" أو غيرهم أسقطوا شيئاً من الدين لحاربهم أغلب هذه الأمة، أما أن تجد أصواتاً معدودة تنتقدهم فهذا شأن الدعاة الذين يجدون في طريقهم من يسبّهم ويشتمهم بل ويتّهمهم ثم يعتقلهم، ووالله لو أن "الإخوان المسلمون" أو غيرهم لم يطالبوا بالحكم بما أنزل الله ولم يقتربوا من كراسي الطغاة لكانوا إذاً من أحبّ الناس وأقربهم إلى الطغاة وإنما اتخذهم الطغاة أعداءً لعلمهم بأن دعوتهم الشاملة تلك ستقضي على عروشهم وتزلزل الأرض من تحت كراسيهم. إن المشهد في مصر الحبيبة مقلق وخطير بسبب انقلاب السيسي وأتباعه وأنصاره على الشرعية ومطالبته مؤخراً أنصاره من المصريين "الشرفاء!!" بأن ينزلوا إلى الشارع وأن يعطوه الإذن بقتل "إخوانهم" من الشعب المصري، بينما كان الرئيس محمد مرسي يخاطب مؤيديه ومعارضيه بكل محبة وحسن خطاب، لكنهم استبدلوه بهذا الطاغية المجرم الذي يريد أن يعيد أمجاد الطغاة وأن يكون فرعوناً آخر في تاريخ مصر، وأن يعيد مصر إلى سالف عهدها من التخلف والفساد والظلم والاستبداد كي تبقى مصر بوابة أمان للصهاينة ومستعبدة ذليلة من قبل أمريكا بالتعاون مع أذنابها من الخونة والمنافقين من هذه الأمة. إن لهذا الدين ربٌ يحميه.. وإن للمصريين المؤمنين بربهم والمعتصمين بالملايين في ميادين مصر وشوارعها ربٌ يرى ويسمع سبحانه ما يكيده المجرمون لهم، وكما مكّن ليوسف عليه السلام في مصر فإن الله سيمكّن لهم في الأرض، وكما آمن قوم يونس عليه السلام بربهم بعد أن ذهب مغاضباً وكما آمن أهل المدينة بعد أن أوى الفتية من أهل الكهف إلى كهفهم، فإن الدين سينتصر.. والخلافة ستعود.. بعز عزيز أو بذل ذليل، وما علينا إلا الأخذ بالأسباب ونصرة هذا الدين بكل ما أوتينا من قوّة.. فإما حياة ترضي الإله وإما شهادة في سبيل الله.. وتلك أقصى الأماني.