10 سبتمبر 2025

تسجيل

سامحينا يا غزة

27 يونيو 2024

ليس لأننا لا نستطيع أن نتظاهر ضد الاحتلال الصهيوني، فكل أنظمتنا تمنع التظاهر، وحتى ما كان يحدث أمام نقابة الصحفيين في مصر قلّ هذه الأيام. سامحينا يا غزة لأننا نبدو وقد نسينا ما يحدث من مذابح مستمرة للكبار والأطفال، ومجاعات لشعبك العظيم. الحقيقة أننا لم ننس. حقا لم تعد تغريداتنا عما يحدث لشعبك وأرضك على السوشيال ميديا بكثافة الشهور الأولى، لكن ليس لأننا تعودنا، كما تعود الصهاينة، على المذابح فيكم، ولا كما تعودت الدول المساندة للصهاينة. للأسف صرنا في مصر التي كانت يوما مفتاح الأمل للأمة العربية، مشغولين بالحياة بشكل لا يتوقعه بشر. لن أتحدث عن الغلاء، ولا عن المعتقلين، ولا عن حرية الصحافة الضائعة، لكن سأتحدث عن شيء واحد آخر فقط، وربما شيئين أو ثلاثة. الأول هو أننا صرنا نعاني من قطع الكهرباء ساعات طويلة كل يوم، يزيدون فيها وتتكرر، بحيث يبدو أنه حتى في هذا القطع، لانظام ولا مواعيد، لكن شخصا أو أشخاصا يلعبون، فيقطعون الكهرباء كلما فكروا أن يتركوا العمل ويذهبون إلى المقهى! تغريدات الناس على السوشيال ميديا من جميع أنحاء البلاد عن قطع الكهرباء مؤلمة، حوادث موت لبعض من كانوا في المصاعد وقطعت الكهرباء والمصعد معلق. ورغم أنها أحداث قليلة، لكن في النهاية فموت واحد بلا سبب ولا عدو واضح، لا يقل عن موت الجميع. كذلك في خراب كثير من الأجهزة المنزلية التي صارت غالية الثمن، كأن الدولة تعمل لصالح تجار هذه الاجهزة من ثلاجات أو غسالات أو غيرها. الأهم هو عدم إدراك الحكومة لشيء بديهي، وهو أن قطع الكهرباء يوقف مصانع، ويمنع محلات ومولات من البيع، ويوقف من يعملون من بيوتهم، وهذا كله يساهم في قلة الانتاج في البلاد، ويفاقم من الأزمة الاقتصادية التي يقترضون من أجلها المليارات، ولا أحد يعرف لها نهاية. كيف غاب هذا عن قاطعي الكهرباء الذين يتشدقون أنهم يعملون من أجل اقتصاد مصر. كيف لا يدرك أحد من الحكام أن مجموع ساعات التوقف عن العمل في مصر، هو من أكبر أسباب الفشل الاقتصادي. بل يزيدون من ساعات قطع الكهرباء الآن، ولا نسمع منهم إلا اعتذارا لا معنى له. كيف صار اللوم الذي نسمعه من الحكومة ورجالها للشعب في كل شيء، سياسة. فمع عيد الأضحى يخرج من يقول ان المصريين استهلكوا ثلاثمائة ألف طن بصل من أجل «الفتّة». طبعا ناله من النقد والسخرية الكثير، فالفتّة لا تتم بالبصل بل بالثوم. ولو تحقق كلامه يكون نصيب كل فرد ثلاثة كيلو جرامات من البصل، فكيف تكون أنفاس الناس ورائحتها وهم يتجمعون في العيد في البيوت وغيرها! حضرته جعل رائحة الشعب «وحشة» ولا يدري! ما الذي جعله يقول هذا الكلام الفارغ؟ سياسة لوم الشعب السائدة. لكن الشيء الثالث شديد الإيلام، والذي لا إجابة عليه غير لوم الناس، فهو بخصوص موت أكثر من ستمائة مصري في مكة وقت الحج من الحر. كانوا في أغلبهم ضحايا شركات سياحية لا علاقة لها بطريق الحج المشروع. عرفنا ذلك، لكن ألم تكن الدولة تعرف ماذا تفعل هذه الشركات؟ هل كان هذا هو العام الأول في السفر بهذه الطريقة؟ هم يذهبون كل عام. عدد الموتى الكبير هو الذي أظهر المشكلة، فمن ترك هذه الشركات تفعل ذلك من البداية؟ وهل يكفي قلة حيلة الناس التي تفرح، لأن الضحايا من عائلاتهم ماتوا في بلد الرسول الكريم، لعدم إعلان الحداد حتى ليوم واحد على الأرواح المسكينة؟.