12 سبتمبر 2025
تسجيلحادثة مقتل المبتعثة السعودية إلى بريطانيا تكشف عن وجود رواسب غير أخلاقية وحضارية في المجتمع البريطاني، سواء المواطنون الأصليون أو المندمجون فيه والذين لم يتكيفوا على الشروط الإنسانية في بلاد تزعم رقيها وتطورها الحضاري والإنساني، وإذا صحّت المؤشرات الأولية للتحقيقات بأن الباعث إلى الجريمة البشعة عنصري فإننا لا نزال في اختبار إنساني صعب يتطلب التوقف عنده ومراجعته. ينظر الغربيون بصورة عامة للإسلام والمسلمين بعين الريبة والشك، وقد أحدثت بعض الحوادث رد فعل سلبي في أنفسهم، أو ما يطلق عليه الفوبيا، ولذلك تأتي تصرفات بعضهم في الغالب كارهة لكل ما هو إسلامي، وذلك يضعنا في متاهات العنصرية التي تجعلنا منبوذين أو غير مستحقين للتعامل الإنساني اللائق، فيما لو ارتكب أحدهم جريمة مماثلة في بلادنا فإنهم يحركون جميع أدواتهم الدبلوماسية لاحتواء القضية.هناك خلل في الميزان الحقوقي والرؤية الإنسانية، على الصعيد النخبوي لا يبدو ذلك واضحا أو راجحا، ولكن على صعيد العامة، وهم على فكرة في الغرب كثيرون، لديهم انطباعات سطحية للغاية عن العرب والدين الإسلامي، ما يجعلهم مهيئين لتقبل كثير من التوجهات المحرضة التي يخطط لها لاعبون لمصالح سياسية أو دينية، ولذلك فإن جرائمهم ضدنا يرتكبها أولئك المضللون الذين يسلمون عقولهم الفارغة لأصحاب الأفكار المتطرفة.حادثة المبتعثة السعودية بحاجة إلى ضغط ثقافي من قبلنا لتغيير الصورة الذهنية النمطية عن العرب والمسلمين، وهي يمكن أن تتكرر غدا لقطري أو كويتي أو مغربي وغيره من أبناء شعوبنا وسط دهشة تتملكنا من سوء الجرم والفعل غير الإنساني، غير أن ذلك لا يخدم قضية إنسانيتنا التي يجب احترامها والتزام قوانين البلد المستضيف التي تمنع السلوكيات العنصرية والجرائم ضد الروح والإنسانية، وفي الواقع ما من خطاب مباشر يتوفر لنا للتواصل مع تلك المجتمعات حتى لو تفيأنا ظلال حديقة هايدبارك لأنهم لا يسمعون لنا كما يجب.الخطاب ينبغي أن تقوم به المؤسسات البريطانية والغربية عموما من خلال المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني بالتنسيق مع المؤسسات العربية والإسلامية، ذلك يمنحهم في فترات مبكرة من أعمارهم القدرة على تقييمنا بصورة صحيحة بعيدا من الاختراق الذي يمارسه فيهم المتطرفون، وهو أجدر لأن يستمعوا له ويتقبلوه مما لو فعلنا ذلك بصورة مباشرة بعد ضخ السم الحضاري فيهم من قبل المضللين وأصحاب الأغراض، دون ذلك سنظل نعاني من جرائم مستمرة بحقنا.