15 سبتمبر 2025
تسجيلما أكثر الهبات والعطايا في رمضان شهر البركات وكنز المِنَح والنَّفَحات، فينبغي على كل مسلم فَطِن أن يقتنص الفرصة ويسارع ويسابق ويجاهد لينال النصيب الأوفَى من النفحات والبركات. فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على اغتنام تلك الأوقات الفاضلة على مدار العام فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا)) رواه الطبراني. والتعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله العظيمة ولا شك أن هناك فرقًا بين العطاءات والخيرات، فعطاءات الله غير خيرات الله، فخيرات الله نأخذها بالحواس ويستفيد بها الجسم كالطعام والشراب، لكن عطاءات الله تنزل على القلب الذي صلح وصفا وطهر وأصبح جاهزًا لنزول العطاءات من الله جل في علاه. ففي هذه الأيام المباركة تنزل عطاءات من الله كأن يُنزِل الله السكينة في قلوبنا؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}. [الفتح: 4]. أو يُنزل الله في قلوبنا الطمأنينة؛ قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. أن يجعل الله في قلب المؤمن نورًا يمشي به في الناس: {أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}[الأنعام: 122]. وغير ذلك من العطايا التي يمُنُّ الله بها على عباده في نفحات الدهر، فعطايا الله عزَّ وجلَّ لا تُعدُّ ولا تُحصى، وماذكرنا من العطايا لا يساوي مثقالَ ذرة من العطايا الإلهية التي يتعرَّض لها الصالحون. وذكر هذه العطايا لا يسعه وقت ولا تتحمله العقول، وإنما ينزل من الخالق الأعظم عز وجل إلى قلوب الأحبة مباشرةً بدون واسطة. نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل هذه العطاءات أجمعين. ويتعرض المسلم لهذه العطاءات باغتنام نفحات الدهر والأيام المباركة والأوقات الفاضلة، ويجب عليه أن يقوم بتجهيز القلب لتلقي العطاء الإلهي الذي لا يناله {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]. وقال الله في شأن الخليل إبراهيم: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الصافات: 84]. لا بد أن يكون القلب سليمًا من الحظوظ والأهواء، ومن الميل إلى الدنيا الفانية وإلى الشهوات وإلى كل المستلذات، ويكون له ميل واحد في الله ولله عز وجل، فينبغي أن يكون حال المسلم كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ به)). فلنبادر جميعًا باغتنام الفرصة في شهر رمضان المبارك فنجاهد أنفسنا لنتعرض لنفحات الله تعالى وعطاءاته العظيمة. نسأله تعالى أن يمن علينا بالعطاءات التي تُصلِح حالنا في الدنيا وتسعدنا في الآخرة.