14 أكتوبر 2025

تسجيل

عامان من الحصار.. ملحمة انتصار قطر وهزيمة المحاصرين

27 مايو 2019

من 5 يونية 2017 الى 5 يونية 2019 عامان مرا بما فيهما من أحداث جسام على العالم العربي ودول الخليج والدنيا بأسرها ولا بد للمحلل المتأمل أن يقرأ جرد الحساب لهذين العامين بعيون الحكمة ويستخلص عبر التاريخ الحديث ببصيرة المؤمن ليدرك أن الحقيقة العليا بل الربانية في السياسة كما في العلاقات بين البشر والدول هي أن الحق يعلو دائما ولا يعلى عليه وأن الخير ينتصر على الشر مهما طال الشر وأن الله سبحانه يمهل ولا يهمل. بدأت المؤامرة الدنيئة منذ خططت أربع دول باتفاق وسبق إضمار وترصد أن تصنع ذريعة مدلسة تبرر لدى رأيها العام إعلان حصار غير مسبوق على دولة خليجية عربية مسلمة شقيقة هي قطر، فقرصنوا وكالة الأنباء القطرية وابتدعوا لسمو الأمير ما لم يقله وذلك بعد أيام قليلة من اجتماع قادة عرب دعوا الى الرياض بحضور رئيس الولايات المتحدة وكما قيل لقطر ولغيرها في ذلك الوقت فإن غاية القمة هي بلورة مشروع علاقات عربية أمريكية جديدة تتلاءم مع متغيرات الساحة في الشرق الأوسط وتفتح أبواب السلام مشرعة بعدما جرى من أحداث الربيع العربي وبعد تعملق الصين الشعبية وعودة الروح للإمبراطورية الروسية على أيدي بوتين فاستجاب صاحب السمو أمير قطر وكان حضوره محل ترحاب ومساهماته كالعادة ذات شأن ولم يدر بخلده أن المكيدة بصدد الإعداد بأيدي من تولى أمور السعودية والإمارات ومصر البعيدة عن شؤون إقليم الخليج ما عدا الرغبة في الرز الخليجي وتنفيذ أجندات معادية لحقوق الشعب الفلسطيني. أعلنت الدول الأربع حصار قطر وسماه معلنوه (مقاطعة) بينما سماه الرئيس الفرنسي علنيا (حصار قطر) لأنه عمل لا تنص عليه أية أعراف دبلوماسية بل يخالف معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 وأحكموا الحصار برا وجوا وبحرا على دولة لم تكن مستعدة لطعنة صديق وشقيق بل والأدهى والأمر أن قطر كمجتمع لا كدولة تفاجأت بهول تقطيع أواصر العائلات والأصهار وتمزيق نسيج اجتماعي عريق تأسس منذ قرون على الأخلاق العربية والشيم القبلية فحوصرت زوجة القطري لأنها إماراتية وأهين عيالها كما حوصرت الزوجة القطرية لأن زوجها سعودي وصودر حلال المواطنين القطريين وممتلكاتهم وأرصدتهم وأسهمهم لدى الدول الخليجية الثلاث وطرد طلاب قطر من الجامعات السعودية والإماراتية. وأروي لكم سالفة صديقي وهو رجل أعمال قطري استثمر ثروته في بناء العقارات في بريطانيا وأوروبا ومصر رغم أن استثماراته في مصر ليس فيها مردود وهو يؤكد لي أنه استثمر في مصر لأنه يحب مصر ويرتاح للمصريين فلم تعطه مصر تأشيرة لتصفية ممتلكاته وشركاته فيها وظل معلقا مندهشا من ممارسات سلطات رسمية لم تراع حتى مصالح شعبها لأن مشاريع صديقي هذا شغلت آلاف المواطنين المصريين ودفعت باقتصاد البلاد الى الأمام!. واليوم نلتفت الى نتائج عامين من الحصار نقيمها بأمانة وموضوعية فندرك أن حصار قطر كان الخطوة الأولى في صفقة القرن بلا ريب. أليست قطر هي من ساندت كفاح الشعب الفلسطيني ومولت مشاريع غزة والضفة بمليار دولار حتى لا يحرم الفلسطيني من الماء والكهرباء والصحة والتعليم؟ أليست قطر هي من كسرت حصار غزة البطلة وزار أميرها الشيخ حمد القطاع في عز الحصار وأعادت قطر إعمار غزة بعد العدوان فأتم صاحب السمو الشيخ تميم حفظه الله ما بدأه والده الشيخ حمد بكبرياء وأنفة وعزة عربية دون من أو إشهار؟ أليست قطر هي التي رفضت صفقة القرن قائلة لأصحاب الصفقة نحن لا نقبل أمرا فلسطينيا إلا متى وافق الفلسطينيون عليه؟ أليست قطر هي التي تمسكت بمجلس التعاون وحضر أميرها قمة الكويت بينما غاب الآخرون؟ أليست قطر هي من رفضت التدخل في شؤون أشقائها واحترمت رموز دولهم في حين هبط إعلام دول الحصار الى الدرك الأسفل من الشتيمة الرخيصة والمس من الحرمات وتقطيع وشائج العائلات؟ أليست قطر هي من أنجزت في ظرف أيام قليلة اكتفاءها الذاتي بعد أن كان الشعب القطري يستهلك ألبان (المراعي السعودية) وأغذية تنتجها الامارات تضامنا مع حلفاء أقسموا على الوفاء ثم غدروا؟ أليست قطر هي من واصلت تأسيس المشروعات الرياضية والصحية والصناعية بأسرع مما كانت عليه فحققت خلال العامين أرقاما قياسية في أكبر نسبة نمو وأعظم استثمارات دولية وأرقى المكاسب الدبلوماسية وأول مطار وأول شركة طيران وأول بنية تحتية بما فيها المترو وكسبت دول العالم بفضل دبلوماسية حية في افريقيا والصين والاتحاد الأوروبي وآسيا وتعززت علاقاتها الأمنية مع أمريكا وتركيا وقالت كلمة الحق في تخبط دول الحصار في حرب اليمن وتدخل حكوماتها بالمال الفاسد في بلدان عديدة مثل ليبيا والسودان تريد فرض أجندات أجنبية عليها وتحثها للانخراط في صفقة القرن المشبوهة؟. إن قطر تشهد الرأي العام العربي والمسلم والدولي على تعاملها الحضاري مع الأزمة وتحديها الصامد لإرهاب أشقاء أصبحوا أعداء ألداء من نوع جديد ثبت اليوم أن الشر حائق بأهل الشر وأن المجد والعزة لشعب قطر المتشبث بسيادته وقيادته وبالقانون الدولي وبحقوق الشعوب الصامدة ذات الإرادة. [email protected]