15 سبتمبر 2025
تسجيلفى الآونة الاخيرة خصصت عددا كبيرا من مقالاتى للكتابة عن الأسرة ومشاكلها والقضايا التى تتعلق بها، وكما ذكرت سالفا ان الأسرة هى عماد المجتمع وهي النواة لبناء المجتمع وان أى مجتمع متقدم أهم دعائمه أسر متقدمة، ترتقي باخلاقها ليرتقي بها المجتمع وينهض ولذلك اسمحوا لى ان أطلب منكم ان تنظروا معي قليلا الى العلاقة الاولى فى حياة كل شخص فينا والى من تعبوا وسهروا وتحملوا عنا الكثير وما زالوا فى سبيل ان يروا الثمرة تكبر وتنضج ويتذوقوا حلاوة هذا الجنى، فهم لا يطلبون شيئا بل اقصى ما يتمنونه الكلمة الطيبة، والسؤال عنهم عند المرض، والجوار عند الوحدة، كل ما يتمنونه ان يروا ابناءهم امامهم فى احسن حال فقط هذه هى الام وهذا هو الاب فالوالدان هما السبب في وجودك ولهما علينا غاية الاحسان فالاب بالانفاق والام بالولادة والاشفاق والسهر، ولا اعلم كيف نرى الان فى مجتمعاتنا من يعق والديه ومن يهجرهما ليالى واياما لا يراهما او يسأل عنهما، فمنذ يومين حدثتنى امرأة عجوز في الثمانين من عمرها ولها من الابناء اثنان تبكى وهى تقول لي انها لا ترى ابنيها ولا تعرف عنهما شيئا، وانها تخاف ان تموت دون ان تراهما، خائفة ان يغضب قلبها عليهما وان تكون سببا فى دخولهما النار وتبكي بحرقة وهى تقول لى كيف يمضى الوقت وهى تنتظر قدومهما ولكن لا احد يسأل عنها ولا احد يتذكر أمه، لا أعلم ماذا اقول لابناء ملأت قلوبهم القسوة والجحود ونكران الجميل، الم يتدبروا الاية الكريمة التى تقول "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا"؟، فلقد قرن الله تعالى عبادته وعدم الشرك به بالاحسان للوالدين وهناك من الايات القرآنية الكثير التى تتحدث عن بر الوالدين، والاحاديث النبوية الشريفة التى تحثنا على طاعة الوالدين فعن عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذلكم البر، كذلكم البر" فقد كان أبر الناس بأمه). واتعجب كل العجب ممن يعق والديه وينهرهما واحيانا يصل الى الضرب، الم يعلم أنه كما تدين تدان وان كل ما تفعله سوف يرد اليك سواء بالخير او الشر سواء بالطاعة او بالجحود والنكران فعن ثابت البنانى قال: رأيت رجلا يضرب اباه فى موضع فقيل له: ما هذا؟ فقال الاب: خلوا عنه فاني كنت أضرب ابي فى هذا الموضع فابتليت بابنى يضربني فى هذا الموضع. وقال النبى صلى الله عليه وسلم "بروا آباءكم تبركم ابناؤكم وعفوا تعف نساؤكم". فاعلم أيها الابن العاق ان كل ما تفعله سيرد اليك سواء بسواء، فلا تستهن بعلاقتك مع والديك بل استثمر فى تلك العلاقة واجعلها مفتاحك للجنة واجعلها العون لك فى الدنيا فإن دعوة الأبوين من الدعوات المجابة التى لا ترد، واسمع معي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "رغم أنفه ثم رغم انفه ثم رغم انفه من ادرك والديه عند الكبر احدهما او كليهما ثم لم يدخل الجنة". واخيرا ان أهم علاقة وأقوى علاقة هى علاقتك بوالديك، فلا تغفل عنها ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما ولنتذكر دائما ان كل ما نفعله سنراه، واننا نوجه ابناءنا الى مصائرنا فلنتق الله فى ابائنا وابنائنا ولنعلم انه لا يوجد جزاء للاحسان الا الاحسان، وأولى الناس باحساننا هم اباؤنا فلنحسن اليهم ونطعهم وندع لهم الله بالرحمة والمغفرة فى كل وقت وفي كل حين، فمهما قدمنا لهم ومهما فعلنا لن ولن ولن نجزيهم اجرهم ابدا، ولتضع فى نهاية هذه السطور اجابة عن هذا التساؤل: أين والداك في حياتك؟ وسلامتكم.