18 سبتمبر 2025

تسجيل

منحة الإجازة

27 أبريل 2022

أثار خبر تحويل المنحة إلى مكافأة وربطها بتقييم الأداء حفيظة كثير من الموظفين الخاضعين لقانون الموارد البشرية الذين يرون أن المنحة حق أصيل للموظف، ومخاوف من تعرضهم للظلم وحرمانهم منها وفقاً لأهواء المسؤول. دعونا نتعرف من ناحية قانونية على طبيعة المنحة وكيف نظمها القانون، وما هو أثر ربطها بتقييم الأداء، وهل يمكن اعتبارها مكافأة أم لا. نصت المادة (٦٤) من قانون الموارد البشرية على أن "يجوز صرف منحة إجازة للموظف القطري تُعادل راتبا أساسيا لشهر واحد، أو جزء منها، عن كل سنة، في حال توافر الاعتماد المالي للبند المخصص لمنحة الإجازة في موازنة الجهة الحكومية". إن المشرع يختارالمصطلحات القانونية بدقة وعناية حتى لا تكون خاضعة للتفسير والتأويل من أي جهة بما يخرجها عن معناها الذي يقصده. فهنا اختار المشرع مصطلح "المنحة" والتي تعني في اللغة: الهدية أو العطية أو الهبة. فالمشرع قصد أن يمنح الموظف هدية عند قيامه بالإجازة الدورية ليستمتع بها كيفما يشاء. والهدية كما هو معلوم تُعطى بلا مقابل، لذلك لم يشترط القانون أن يقدم الموظف عملاً معيناً أو يربط الحصول عليها بالأداء الوظيفي أو أية شروط تقديرية لجهة العمل، لذلك لم ينص عليها في الفصل الخاص بالبدلات والعلاوات من القانون، ولم ينص عليها في الفصل الخاص بتقييم الأداء أيضاً، وإنما نص عليها في الفصل التاسع الخاص بتنظيم الإجازات. وعلاوة على ذلك، فالمشرع جعل المنحة خاصة بالموظف القطري تمييزاً له دون غيره، وهذا ما يؤكد قصد المشرع بعدم رغبته بربطها بأي سبب آخر متعلق بالوظيفة وإلا لمنحها للجميع. وهذا التمييز لا يجوز أن يتم تقييده بشروط، ما لم تكن شروط عامة ومجردة تقتضيها المصلحة العامة مثل توافر الاعتماد المالي، وبعيدة عن السلطة التقديرية للمسؤول. • مخاوف ربط المنحة بتقييم الأداء تحويل المنحة لمكافأة أو ما يُعرف بنظام (البونس ‏bonus) سيترتب عليه سلبيات قد لا تتحقق معها الأهداف المنشودة. فأكثر ما يخشاه الموظف أن يكون خاضعاً للسلطة التقديرية للمسؤول، ولا شك بأن المسؤول هو إنسان معرض للأهواء التي قد تنعكس على تقييمه للموظف من تفضيل للبعض أو ظلم للآخر لأسباب شخصية أو لعدم توافق الأفكار وغيرها من الأسباب. مما سيفتح الباب للتظلمات وزيادة الدعاوى أمام المحاكم، وخلق فرصة للمشاحنات والصراعات. ويُخشى من اللجوء إلى نظام (الكيرڤ bell curve) المتبع في بعض الجهات، بتحديد عدد معين من الموظفين الذين يحصلون على تقييم يسمح لهم بالحصول على هذه المكافأة حسب الاعتماد المالي المتوفر. مما يضع المسؤول في بعض الأحيان في موقف حرج لا يستطيع فيه مكافأة كل من يستحق فيضطر لتفضيل البعض على غيره. • خلق نظام مكافأة جديد إذا علمنا أن هذه هي الطبيعة القانونية للمنحة بأنها حق وميزة للموظف، فيجب أن نخلق نظاما جديدا لمكافأة الموظف المتميز يكون مرتبطاً بتقييم الأداء وفق شروط ومعايير دقيقة وصارمة تمكّن من إخضاعها لرقابة الجهات الرقابية والقضاء في حال عدم إنصاف الموظف في تقييمه وحرمانه من المكافأة، وهذا ما يتطلب عملا تنظيميا شاملا لنظام التكليف بالمهام الوظيفية ومتابعتها وتوثيق كافة الإجراءات بشكل يمكّن من قياس أداء الموظف بدقة وبعدالة، وبدون المساس بهذه المنحة. • موافقة مجلس الشورى أخيراً نشير إلى أن تحويل المنحة إلى مكافأة مشروط بموافقة مجلس الشورى. فالمنحة نص عليها قانون الموارد البشرية في المادة ٦٤ وبالتالي فإن أي تعديل عليها أو مساس بها لن يتم إلا بموافقة مجلس الشورى وفقاً للإجراءات الدستورية المتبعة بشأن تعديل القوانين. ماجستير في القانون ‏ @alibinkhalil