13 سبتمبر 2025
تسجيلالأصل أن التشريع اختصاص أصيل لمجلس الشورى، فهو صاحب السلطة التشريعية وفقاً للدستور، ولا يجوز للسلطات الأخرى أن تتدخل في هذا الاختصاص الحصري تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، ويقصد بالتشريع اقتراح القوانين وتعديلها وإلغاؤها، ويمر بعدة مراحل من مناقشات وتصويت وغيرها حتى يقرّه مجلس الشورى ويطلق عليه مسمى (القانون). إذن ما هو المرسوم بقانون؟ وهل يختلف عن القانون؟ نصت المادة (٧٠) من الدستور على أنه "يجوز للأمير في الأحوال الاستثنائية التي تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة لا تحتمل التأخير، ويقتضي اتخاذها إصدار قوانين، ولم يكن مجلس الشورى منعقداً، أن يصدر في شأنها مراسيم لها قوة القانون …". فالدستور القطري، كغيره من الدساتير، منح السلطة التنفيذية حق التشريع استثناء عن طريق أداة تسمى المرسوم بقانون أو كما يعرفها الفقه القانوني باسم لوائح الضرورة، فتصدر القوانين أو تعدلها أو تلغيها. وقد يبدو ذلك إخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات الذي تبناه الدستور، فكيف تتدخل السلطة التنفيذية في اختصاص السلطة التشريعية وتمارس التشريع؟، الحقيقة أن الواقع العملي أسفر عن حالات استثنائية تطلبت ضرورة منح السلطة التنفيذية هذا الاستثناء من أجل حماية الدولة. لذلك فقد وضع الدستور في المادة (٧٠) شروطا وقيودا لممارسة هذا الاستثناء وإصدار المرسوم بقانون: أولاً: غياب مجلس الشورى. وذلك في حالتين يكون مجلس الشورى غير منعقد فيها، الأولى: بين أدوار الانعقاد وهي عطلة المجلس، والثانية: بين الفصول التشريعية، أي الفترة بين انتهاء مدة المجلس القديم وبدء مدة المجلس الجديد، فلو كان المجلس منعقداً فلا مبرر لإصدار هذه المراسيم لكون صاحب الاختصاص موجودا. ثانياً: وجود حالة ضرورة يجب أن تكون هناك حالة ضرورة استثنائية، كخطر أمني أو صحي أو غيره تتعرض له الدولة وتجب مواجهته بسرعة، ولا يمكن الانتظار لحين انعقاد مجلس الشورى ليصدر القوانين اللازمة، فعلى سبيل المثال، تعتبر جائحة كورونا حالة استثنائية تطلبت اتخاذ تدابير عاجلة مثل تقييد حريات الأفراد في التنقل وغيره، واتخاذ مثل هذه التدابير تطلب إصدار قوانين جديدة لعدم كفاية القوانين السارية لمواجهة هذه الحالة الاستثنائية. ونشير هنا إلى أن مجلس الشورى كان منعقداً آنذاك فصدرت قوانين عادية وعرضت على مجلس الشورى ولم تصدر مراسيم بقوانين. ثالثاً: عرض المراسيم على مجلس الشورى يجب عرض تلك المراسيم على مجلس الشورى في أول اجتماع له بعد انعقاده، فهذه المراسيم استثنائية ويجب أن تخضع لرقابة المجلس ليتخذ قراره بشأنها، فيكون للمجلس خلال ٤٠ يوماً من تاريخ عرضها عليه أن يقرّها، أو أن يرفضها أو يطلب من السلطة التنفيذية تعديلها خلال أجل معين بشرط موافقة أغلبية ثلثي الأعضاء، فإذا رفضها أو انقضى الأجل المحدد للتعديل دون إجرائه فتزول ما لهذه المراسيم من قوة القانون من تاريخ الرفض أو انقضاء الأجل. وقد حرص الدستور أيضاً على تقييد هذا الاستثناء لحماية الأفراد وكضمانة لهم، فلم يترك إصدار هذه المراسيم لأي من أعضاء السلطة التنفيذية، بل جعل لسمو الأمير فقط سلطة إصدارها. ويمكننا أن نقول إن المرسوم بقانون عبارة عن أداة تشريعية لها قوة القانون، يصدرها سمو الأمير عندما لا يكون مجلس الشورى منعقداً، لمواجهة حالة استثنائية تتعرض لها الدولة، على أن تعرض هذه المراسيم على المجلس عند انعقاده ليتخذ قراره بشأنها. ماجستير في القانون @alibinkhalil