11 سبتمبر 2025
تسجيلتعلمت من تجارب الحياة عدم التعجل والحكم على الناس بمظاهرهم الخارجية، بعد ان اكتشفت انني ظلمت نفسي وظلمت غيري عندما تعجلت في إصدار أحكام بالسوء على أشخاص طيبين قياسا على طريقتهم في اللبس او الكلام، او عندما حسبت آخرين ملائكة أطهارا واتضح لاحقا أنهم مستهبلون منافقون يتقنون فن التمثيل الاجتماعي. وقد قلت مرارا وسأظل أقول إنني لا اعتبر الشاب الذي يقوم بِكيِّ شعره و«يسبسبه" جانحا او منحرفا، ولا ذاك الذي يقص شعره بطريقة عجيبة وغير مألوفة "شاذا"، ورغم استنكاري لتشبه بعض الشباب بالنساء من حيث اللبس والمظهر العام إلا أنني صرت ميالا إلى اعتبار ذلك "شدة وتزول" أي نزوة ناجمة عن نزق الشباب وتزول بعد النضج العقلي بتقدم سنوات العمر أقول هذا على الرغم من أنني- كأب ديمقراطي- لا أسمح لأي من ولدي الاثنين بكي الشعر أو قصه جريا وراء موضات وصرعات تتوالى علينا كأننا «ناقصين بلاوي"، واعتقد انني أعاني من نوع حميد من ازدواج الشخصية، ذلك أنني «تقليدي/ بلدي" في نواحٍ كثيرة، ولكن هناك مستجدات كثيرة في عصرنا الراهن الذي أعيش على هامشه متفرجاً لا أرفضها لغيري حتى لو رفضتها لنفسي. مثلا لا يمكن ان أضع شيئا على شعر رأسي، بل لا أحرص كثيرا على استخدام الشامبو في غسله (وبالمناسبة فهناك أنواع من الصابون أكثر أمانا من معظم أنواع الشامبو).. وأود اليوم ان أخاطب جيلا كاملا من الشباب يستخدم المادة التي تسمى "جل gel لإعطاء الشعر لمعانا وللحفاظ على شكل التسريحة: بعض أنواع الجل (وليس كل الأنواع" تتسبب في نمو النهود عند الرجال. نعم يحدث هذا حتى لو كان من يستخدمها طفلا في الخامسة فإن نهديه يبدآن في النمو بمعدلات تفوق المعدلات الأنثوية. قرأت هذا الكلام في مجلة نيو إنجلند الطبية ذات السمعة العلمية العالية، في سياق بحث أجرته كلية الطب بجامعة كولورادو الأمريكية والمعهد الوطني الامريكي للصحة، فقد اكتشف الباحثون ان الجل الذي يحتوي على الخزامى وزيت شجرة الشاي يسبب اضطرابات هرمونية تقود الى الحالة التي يسميها الأطباء غاينيكوماستيا وهي بروز صدر الرجل على نحو غير مألوف، (وأي كلمة تبدأ ب"غايني gynae" تكون ذات صلة بالنساء) ويرجح ان الخزامى وزيت شجرة الشاي يسببان خللا في إشارات هرمونات الأوستروجين والأندروجين. دعك من هذا الكلام العلمي «الكبير" والمصطلحات اللاتينية واسأل نفسك: هل لمعة شعرك تستأهل ان تكتسب ملامح انثوية.. أعرف ان كل قارئ يستخدم الجل سيقرأ الكلام المكتوب على الأنبوب او القارورة ليتأكد من أنه لا يحوي ذينك العنصرين (قد لا يعرف بعضهم ان الخزامى بالانجليزية هي اللافندر lavender) ولكن من يضمن لك انه حتى لو كان الجل الذي تستخدمه لا يحوي الخزامى فإنه قد يسبب لك الندامة، بعد ان يكتشف باحثون آخرون أن عناصر أخرى في الجل تسبب ما هو أسوأ من الأنوثة! ومعلوم سلفا ان معظم مواد التجميل تحوي مواد كيميائية ضررها اكثر من نفعها، بل ان معظم المستحضرات المستخدمة لتفتيح البشرة بها مواد مسرطنة (انظر الاستفزاز في كلمة تفتيح تلك!! وكأنما البشرة السوداء او السمراء تعرضت للتقفيل أو مغلقة)؛ وثم سؤال للسمراوات اللواتي يعرضن صحتهن للمخاطر للتخلص من لون البشرة: أليس ذلك دليلا على انكن تعتبرن النساء ذوات البشرة المائلة للبياض أعلى منكن شأنا في مجال الجمال والأنوثة؟ ألا تعرفن ان تفتيح البشرة المزعوم هذا طارئ وعارض، ويزول بزوال مفعول الكريم او الدهان المستخدم لتلك الغاية؟ فالشركات المنتجة لتلك المستحضرات ليست من الغباء بحيث تطرح مستحضرا مفعوله دائم أو طويل الأجل، لأن ذلك سيعني ان يتوقف الناس عن شراء منتجاتهم بشكل دوري منتظم، تماما كالشركات المنتجة للمصابيح الكهربائية والتي ما ان اخترع احدهم مصباحا يعمل بكفاءة لأكثر من عشر سنوات، حتى اجتمعت وتوافقت على منح المخترع أكثر من مائة مليون دولار نظير ان يسلمها الاختراع، وقد كان- بتلك الطريقة تم دفن الاختراع لتواصل الشركات تلك انتاج مصابيح تعمل لشهور فقط. على كل حال، هناك حكمة جعفرية أهديها للرجال والنساء: إساءة الظن بمنتجات التجميل الكيميائية تجنبك الكثير من المتاعب الصحية.. فببساطة، فإن تعريض الجسم إلى اي عنصر غريب عن تكوينه الطبيعي لابد ان يكون باهظ الثمن. وآخر صرعات التجميل تبييض الأسنان في صالونات الكوافير بمواد كيميائية من فصيلة bleach تكتسب خلال دقائق صفين من اللؤلؤ.. وبعد سنوات قليلة يتحول اللؤلؤ إلى نحاس صدئ! وإذا كان لابد من تبييض الأسنان فالجأ إلى طبيب أسنان فنان. [email protected]