14 سبتمبر 2025

تسجيل

تحديات الحكومة الليبية الجديدة

27 أبريل 2016

تشهد ليبيا مرحلة انتقالية جديدة منذ التوقيع على اتفاق الصخيرات في ديسمبر الماضي، بين ممثلين عن القوى السياسية المختلفة، والذي ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني تقود مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية بعد عام، وتوسيع المجلس الرئاسي ليتكوّن من تسعة أشخاص. كما ينص على أن السلطة تتشكل من ثلاث مؤسسات رئيسية، وهي مجلس النواب ويمثل السلطة التشريعية، ومجلس الدولة وهو بمثابة غرفة برلمانية استشارية ومجلس رئاسي، تنتقل إليه كافةُ صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة فور توقيع الاتفاق، ويتم اتخاذ أي قرار بإجماع مجلس رئاسة الوزراء. لكن رغم ذلك لا تزال هناك الكثير من التحديات التي تقف أمام اكتمال تنفيذ الاتفاق المنوط به تشكيل مؤسسات الدولة الليبية المختلفة في شكلها الدائم. فلا يزال الصراع بين الشرعيات القديمة والجديدة قائما. فرغم قبول "المؤتمر الوطني"، الممثل للقوى السياسية في غرب ليبيا، بالاتفاق الجديد والدخول في عملية تشكيل المجلس الأعلى للدولة، إلا أن "مجلس النواب"، الممثل للقوى في الشرق الليبي، يرفض الانخراط في هذه العملية، معلنا ضرورة أن يكون الإعلان الدستوري الذي يعطيه حق التشريع، بمثابة المظلة الأساسية لاتفاق الصخيرات الجديد.هناك أيضا القضية المهمة المتعلقة بترتيبات وزارة الدفاع ببناء الجيش الليبي الجديد، حيث لا تزال الصراعات قائمة بين الحكومة الجديدة ومرشحها لوزارة الدفاع "المهدي البرغوثي" وبين القادة الحاليين للجيش الليبي في الشرق وعلى رأسهم خليفة حفتر، الذي يعارض الاتفاق الجديد ويرفض خضوع قواته للوزارة الجديدة، ووصل الأمر إلى محاولة اعتقال وزير الدفاع الجديد لدى عودته إلى مدينة البيضاء. الخلافات حول الاتفاق الجديد لم تقف عند القوى الأساسية التي تمثل شرعيات السلطة القائمة، بل وصل إلى الأحزاب السياسية، ومنها "تحالف القوى الوطنية"، وهو تحالف سياسي يتشكل من مجموعة من الأحزاب السياسية الصغيرة وبعض الشخصيات القيادية، منها محمود جبريل والمستشار مصطفى عبد الجليل. حيث اعتبر التحالف في بيان له في فبراير الماضي، أن طريقة اقتسام السلطة عبر تشكيل حكومة جهوية، ليست ملائمة لحدوث التوافق المرغوب في المرحلة الانتقالية. داعيا إلى بناء "برنامج وطني" توافقي ليكون بمثابة المخرج الملائم للأزمة السياسية.لكن في الوقت نفسه الذي يدعو فيه التحالف إلى هذا البرنامج الوطني التوافقي، يعلن تأييده للحرب التي يقودها "حفتر" ضد ما يعتبره الإرهاب الإسلامي (وهو يقصد القوى السياسية الإسلامية المخالفة لتوجهات التحالف العلمانية). كما يعتبر التحالف أن هذا الجيش هو الوسيلة الأساسية لاستعادة هيبة الدولة الليبية.ورغم تغيير التحالف لموقفه من اتفاق الصخيرات بعد حضوره اللقاء الذي عقده مع مبعوث الأمم المتحدة، مارتن كوبلر، في إسطنبول في 30 مارس الماضي، إلا أنه في المقابل استمر في موقفه المؤيد بشدة لدعم خليفة حفتر في استمرار قيادته الجيش المناوئ للإسلاميين.لكن رغم هذه التحديات الداخلية، فمن المتوقع أن تشق الحكومة الجديدة طريقها نحو المرحلة الانتقالية الجديدة وبناء مؤسسات الدولة الليبية، خاصة مع وجود دعم دولي يربط بين نجاح الحكومة وبين تقديم المساعدات الاقتصادية وإعمار ما دمرته الحرب التي تعيشها البلاد منذ ثورة 2011 وحتى الآن، وكذلك في ظل وجود اتجاه داخلي لدى القوى السياسية والاجتماعية لوقف هذه الحرب.